الجنوب امام شراكة إستغلال وهيمنه شرعية فاسدة

السياسة - منذ 1 شهر

عدن ، عين الجنوب | خاص


في مشهد يعكس تراكم الإحباط من السياسات التي تتجاهل الإلتزامات المحلية والدولية، انسحب الرئيس عيدروس الزبيدي، من اجتماع في الرياض. هذا القرار جاء على خلفية تجاهل مطالب رئيسية تتعلق بتحقيق شراكة حقيقية وتنفيذ كامل لبنود اتفاق الرياض، بالإضافة إلى فتح ملفات الفساد التي أضرت بالبلاد منذ انطلاق عاصفة الحزم. الخطوة لم تكن مجرد موقف سياسي عابر، بل تعبيراً عن تراكم سنوات من الإقصاء وسوء الإدارة.

الرئيس الزبيدي، الذي يمثل ارادة شعب الجنوب، أكد أن الجنوب لن يقبل أن يكون مجرد طرف هامشي في معادلة شراكة صُممت لخدمة مصالح فئة محددة. الفساد الذي تغلغل في مؤسسات الدولة بفعل شخصيات نافذة من القوى الشمالية بات يهدد كل جهود الاستقرار، حيث تم استغلال الشراكة لتحقيق مكاسب شخصية ومؤامراتيه دون أي اعتبار لمعاناة المواطنين. هذه الشخصيات، التي تحتكر مواقع حساسة في الحكومة، تمكنت من الاستفادة من الدعم الدولي والإقليمي المخصص لإعادة الإعمار والتنمية، وحولت تلك الأموال إلى حسابات شخصية أو مشاريع تخدم مصالحها الضيقة.

الشعب الجنوبي، الذي عانى طويلاً من التهميش والإقصاء، يرى أن استمرار هذا النهج بالإضافة الى عدم تنفيذ مخرجات اتفاق الرياض لا يهدد فقط تطلعاته، بل يعمق من الأزمة الإنسانية والاقتصادية. وما يزيد من تعقيد الوضع هو التقارب السعودي الإيراني الذي أُعلن عنه في مارس 2023 برعاية صينية. هذا التقارب، تقارير أفادت أنه أفرز عن تفاهمات سرية بين المملكة والحوثيين، مما أثار مخاوف لدى الجنوبيين من أن يتم تجاهل الوضع القائم من فساد ومعاناة تحملها شعب الجنوب. فمنذ انطلاق عاصفة الحزم، أُنفقت مليارات الدولارات، لكن هذه الأموال وُجهت في كثير من الأحيان إلى جيوب الفاسدين من القوى الشمالية، الذين استغلوا مواقعهم لتحقيق مكاسب على حساب الشراكة الوطنية. هذا الوضع أفضى إلى تدهور الخدمات الأساسية في الجنوب، رغم أنه المساهم الأكبر والحامي لهم بعد هروبهم من صنعاء.

انسحاب الرئيس الزبيدي من الاجتماع هو رسالة صريحة: لا يمكن القبول باستمرار هذا الوضع السيء. اما إن يتم إصلاح ما افسدته إيدي الفاسدين والإستغلالين وتصحيح الشراكة على أصولها العادلة او أن الجنوب سيفرض مطالبه الحقوقية المشروعة في إدارة موارده ومؤسساته، بعيداً عن النفوذ الذي تمارسه قوى الشمال عبر أدوات الفساد والترهيب السياسي. هذه المطالب ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر إلحاحاً في ظل استمرار هذا الوضع والمماطلة فيه.

إن الخطوة التي اتخذها الرئيس الزبيدي تعكس تصاعد الوعي الجنوبي بضرورة التصدي لأي محاولات للالتفاف على شعبه. فالمجلس الانتقالي يمثل إرادة شعبية حقيقية تطالب بشراكة عادلة وحقيقية، وليس بشراكة شكلية تُستغل لتكريس سيطرة قوى نافذة على مراكز القرار. المجتمع الدولي، الذي يراقب تطورات الأوضاع في اليمن، بحاجة إلى أن يدرك أن تجاهل مطالب الجنوب سيؤدي إلى مزيد من التصعيد، وربما إلى انهيار أي جهود لإحلال السلام.

الجنوب يتطلع إلى مستقبل يعكس تطلعاته ويضع حداً للفساد والنهب الذي مارسته النخب الشمالية لعقود. الشعب الجنوبي، من خلال قياداته، يبعث برسالة واضحة: السلام الحقيقي لن يتحقق إلا عبر شراكة عادلة، ومحاسبة الفاسدين، وتمكين الجنوبيين وتنفيذ مخرجات إتفاق الرياض بالكامل.

فيديو