صوت شعب الجنووب في ظل واقع مرير

تقارير - منذ 19 يوم

عين الجنوب || تقرير - خاص
في قلب كل جنوبي، تعيش قضية وطن تعرض لمحاولات غزو عديدة وخدمات غائبة، تمتد إلى معركة وجودية لإثبات الكرامة واستعادة الحقوق. هنا من العاصمة عدن، وسط صمت دولي وتآمر داخلي، يتجلى شكل جديد من الحرب، حرب تستهدف الجنوب أرضاً وإنساناً، بأساليب خفية وماكرة.

الصمت أمام ما يحدث من استهداف ممنهج لشعب الجنوب، هو جريمة تاريخية. الجنوب اليوم يحتاج إلى وقفة حقيقية تتجاوز مجرد الشجب والتنديد. فالواقع الذي يعيشه شعب الجنوب، من تدهور الخدمات وانهيار الاقتصاد إلى استنزاف موارده، هو خطة طويلة الأمد تُدار بعناية، هدفها إبقاء الجنوب في دائرة الضعف والاعتماد.

في أعماق هذه المأساة، يمكن ملاحظة الخطوط الخفية لسياسة ممنهجة بدأت منذ 3 عقود. الوحدة التي تحولت سريعاً إلى مشروع توسعي، يتغذى على استغلال الجنوب وتهميش وحصار شعبه. نجد أن موارد الجنوب، تتعرض لإستهداف ممنهج بينما يُترك شعب الجنوب يعاني من غياب ابسط الخدمات الأساسية.

كلما حاول الجنوبيون التمسك بحقوقهم، كانوا يواجهون بحروب مباشرة أو بحصار اقتصادي يهدف إلى إخضاعهم. تلك السياسات هي أدوات للهيمنة، تعمل على تجريد الجنوب من قوته الاقتصادية وإبقائه في حالة من التبعية الدائمة، ولعل إرتفاع سعر العملة بالتزامن مع أي مطالب حقه لشعب الجنوب خير مثال.

أيضاً لا يمكن أن نغفل عن الواقع الأمني، الذي يُظهر بوضوح أن الجنوب ليس فقط هدفاً للطامعين، بل أيضاً ساحة لتجارب تفننت فيه قوى بلا ضمير في إستبداده. القوى التي تشارك الجنوبيين في المشهد السياسي على أرضه تُدرك أن الجنوب القوي هو تهديد مباشر لنفوذها ومصالحها، ولذلك تعمل بلا هوادة على زعزعة استقراره، سواء من خلال تعطيل المؤسسات الأمنية أو محاولة تفكيك النسيج الاجتماعي.

في قلب هذه المعركة، تصبح إستعادة السيطرة على الإيرادات الجنوبية ضرورة اقتصادية، وخطوة وجودية تُعيد تعريف العلاقة بين شعب الجنوب والأطراف الآخرى. أدار الجنوب دولته في ظل إيرادات محدودة على أكمل وجه قبل عام 1990، بل خرج الشعب يطالب بتخفيض الرواتب. وحالياً الإيرادات والفرص أكثر. وهي شريان حياة، يُمكنه أن يُحول الجنوب من منطقة تتكالب عليه الأطراف الشمالية والخارجية إلى كيان قوي وقادر على تقرير مصيره. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب شجاعة وقرارات حاسمة. حيث في عالم اليوم، لا مكان للضعفاء، والقوة وحدها هي التي تُجبر الآخرين على الاحترام. القوة هنا تعني القدرة على فرض الإرادة وتحقيق المصالح التي هي ملك لشعب الجنوب.

أن تتجاهل هذه الحقيقة يعني أن تُسلم مصيرك للآخرين، وأن تقبل أن تكون تابعاً في أرضك. الجنوب اليوم أمام طريقين؛ إما أن يواصل الصمت ويعيش على هامش التاريخ، أو أن يتحرك لاستعادة حقوقه وصنع مستقبله. ليس هناك ما يُبرر التردد. الموارد الجنوبية يجب أن تكون بيد الشعب، وتُدار بما يخدم مصلحته. الجنوب يمتلك كل المقومات ليكون دولة قوية ومستقلة، وما ينقصه هو إرادة موحدة تقود هذه المرحلة التاريخية بحكمة وشجاعة.

الوقت ليس في صالح الصامتين، والتاريخ لا يرحم المترددين. ومن يعتقد أن القوة تكمن في الكلمات فقط، فهو لم يفهم أن احترام العالم يبدأ من قدرتك على إثبات وجودك. الجنوب يستحق أكثر من أن يكون مجرد صفحة في كتاب، بل يجب أن يكون كاتب القصة، وقائد مستقبله.

فيديو