تحليل | دولة الجنوب العربية مشروع سلام واستقرار يراعي المصالح الإقليمية والدولية

دراسات وتحليلات - منذ 4 ساعات

دولة الجنوب العربية مشروع سلام واستقرار يراعي المصالح الإقليمية والدولية

عين الجنوب | تقرير - خاص

كتم ما في داخل قلوب الشعوب او الضغط على إرادتها او إنهاكها ليست منهجية مستدامة، خاصة في ظل الأوضاع الحالية التي أنعكست على معيشة المواطن بشكل يستدعي التحلي بالمسؤولية من الجميع، مما يستوجب تقديم خطاب واضح وشفاف حول مشروع استعادة دولة الجنوب، للشعب الجنوبي، وللشركاء الإقليميين والدوليين الذين يتابعون عن كثب مجريات الأوضاع. خطاب الرئيس القائد الزبيدي الاخير أكد أن الجنوب لم يكن يوماً مصدر تهديد للاستقرار، بل كان دوماً وسيظل ركيزة للسلام، ونقطة تلاقي لمصالح الشعوب في المنطقة. لذلك، فإن المشروع الوطني الجنوبي منذ فجر المقاومة سعى ويسعى إلى استعادة دولة بحدودها الجغرافية والتاريخية المعترف بها دولياً وبناء نموذج للدولة الفيدرالية المدنية الحديثة المستقرة والتي تقوم على السلام والتعايش والتعاون المشترك، بما يحقق مصالح الجميع. فالمرحلة التي يمر بها الجنوب تتطلب وضوح في الرؤية، بحيث يدرك الداخل والخارج أن هذا المشروع هو إعادة بناء لدولة عصرية تمتلك فعلياً مقومات النجاح، وتحترم حقوق مواطنيها، وتسعى لتعزيز الأمن الإقليمي، لا تقويضه. وهذا التزام حقيقي يمكن قراءته في مواقف القيادة الجنوبية التي تؤكد مراراً وتكراراً أن الجنوب ينشد السلام، ويريد دولة تراعي حقوق جميع مكوناتها، ومواطنيها. كما أن أغلب الأطراف تعرف حجم المعاناة التي عاشها شعب الجنوب في العقود الثلاثة الماضية حيث كانت هناك محاولات لطمس هوية الجنوب وتذويبه في مشاريع لا تعبر عن طموحات شعبه، ولكن المقاومة الشعبية والأحداث أثبتت أن إرادة الشعوب تظل حية. وعلى الرغم من كل الضغوط السياسية والعسكرية، ظل الشعب الجنوبي متمسك بحقه في تقرير مصيره، وهذا الحق لم يكن أبداً دعوة للفوضى أو القطيعة مع العالم. بالعكس، يسعى الجنوب لأن يكون شريكاً فاعلاً في المنطقة العربية ورافداً يعزز إستقرار النظام الدولي، وملتزماً بالقوانين الدولية، ومدركاً لحساسية التوازنات الإقليمية، وهذا ما يجعله مشروعاً قابلاً للحياة. نعم هناك مخاوف مشروعة لدى بعض القوى الإقليمية من أي تغيرات في خارطة النفوذ السياسي، وهذه المخاوف مفهومه، لكن ما يجب أن يكون واضحاً هو أن الجنوب شريك فاعل مع الشركاء الإقليمين والدوليين، واستقرار الجنوب سيكون بكل تأكيد عامل توازن، وسيساهم في الحد من الفوضى، وتأمين خطوط الملاحة، ومحاربة الإرهاب، وهي أهداف تتوافق مع مصالح الحلفاء الإقليمين والمجتمع الدولي.

فأي دولة تبحث عن الاستقرار تحتاج إلى علاقات متينة مع جيرانها، ولذلك فإن الشروع في اخذ زمام المبادرة وتلبية إحتياجات الشعب الجنوبي ومطالبة إدارياً وإقتصادياً لا يعني إثارة مخاوف غير مبررة لاي طرف، والحقيقة تثبت أن الجنوب كان وسيكون عنصر إيجابي في معادلة الأمن الإقليمي. وهذا يتطلب سياسة حكيمة من الجميع تبني الجسور بدلاً من هدمها، وتعزز لغة الحوار بدلاً من المواجهه. كما أن مستقبل شعب الجنوب لن يُبنى بردود الفعل، بل برؤية استراتيجية تعتمد على الواقعية السياسية والشعبية، وتفهم تعقيدات المرحلة. لا يمكن اختصار بناء دولة بقرار سياسي أو موقف من مغرد إعلامي مدعوم من أطراف خارجية، بل هو مسار بناء يحتاج إلى عمل متواصل، وشراكات حقيقية، وتقديم نموذج ناجح في إدارة الدولة. كما أن الخطاب المسؤول والمنفتح الذي قدمته القيادة الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، تؤكد ذلك بشكل لا ريب فيه.

فالمرحلة الحالية بأزماتها وكارثيتها على الشعب الجنوبي تتطلب الوعي بمسؤولية اللحظة، وتجنب الأخطاء التي وقع فيها الآخرون بما فيها النظام الشيوعي البائد. فمشروع الدولة الجنوبية ليس مشروع للإقصاء أو الانتقام، بل هو رؤية وطنية وشعبية لإعادة تصحيح مسار تاريخي، بما يخدم مصالح الشعب الجنوبي، ويحفظ الاستقرار في المنطقة. فبالتأكيد بناء دولة لن يكون عملاً فردياً ولا مشروعاً آنياً، بل هو جهد جماعي يتطلب وحدة الصف، ورؤية سياسية ناضجة، وانفتاحاً على العالم بلغة المصالح المشتركة. ومن هنا، فإن تقديم الجنوب كدولة مسؤولة، تحترم التزاماتها، وتعمل لصالح مواطنيها، سيكون الطريق الأكثر أماناً، وهذا ما عكسته رؤية المجلس الإنتقالي الجنوبي والتي أكدها أيضاً الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في زياراته الآخيرة الى محافظات الجنوب.

فيديو