الهجرة غير الشرعية إلى الجنوب، ظاهرة متصاعدة وتداعيات متعددة الأوجه

تقارير - منذ 2 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

تشهد محافظات الجنوب، وعلى رأسها العاصمة عدن، موجة جديدة ومتزايدة من الهجرة غير الشرعية، خصوصاً من القرن الإفريقي، في ظاهرة باتت تشكل هاجساً مقلقاً للمواطنين والسلطات المحلية على حد سواء. حيث تواجه تواجه العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب عبئاً مركباً يتجاوز قدراتها، ويفرض تحديات إنسانية، وأمنية، ومجتمعية كبيرة.

خلال الأشهر الأخيرة، تزايدت أعداد المهاجرين الذين يصلون عبر السواحل الجنوبية، مستغلين هشاشة الرقابة البحرية، والفراغات الأمنية، واللامبالاه في بعض النقاط. المهاجرون وغالبيتهم من إثيوبيا يُنقلون في قوارب تهريب تبدوا منظمة وموجات.

المشكلة لا تكمن فقط في أعداد المهاجرين، وإنما في تركيبتهم السكانية وسياقات قدومهم. إذ تشير تقارير أمنية إلى أن بعض هؤلاء يُدفعون نحو الجنوب ضمن شبكات منظمة لتهريب البشر، وهناك مخاوف حقيقية من تسلل عناصر خطرة وسطهم، سواء لأغراض تجسس أو لتنفيذ أنشطة تخريبية أو إجرامية. وقد تم بالفعل ضبط عدد من الحالات التي تؤكد استغلال هذه الظاهرة في التهريب والتجنيد غير المشروع.

عدن، المدينة المكتظة أساساً بالنازحين من الشمال وبالمهجرين داخلياً، تجد نفسها اليوم أمام ضغط سكاني هائل. المهاجرون الجدد يقيمون في بشكل عبثي، ويعانون من غياب الخدمات الأساسية، الأمر الذي يتسبب بتفاقم الأوضاع الصحية والبيئية، ويفتح الباب أمام تفشي الأمراض، وازدياد الاحتكاكات مع السكان المحليين.

على الصعيد المجتمعي، باتت هناك حالة من التوتر غير المعلن. المواطنون يشعرون بأنهم مستهدفون في لقمة عيشهم، إذ أن دخول آلاف المهاجرين إلى سوق العمل غير الرسمي يزيد من البطالة بين الجنوبيين، ويؤدي إلى اضطراب في الأجور، ويصعب ضبط المخالفات.

السلطات المحلية، وعلى الرغم من إمكانياتها المحدودة، تحذر من خطورة استمرار هذه الظاهرة، وتطالب بتدخل دولي وإقليمي عاجل. كما تدعو إلى تنسيق الجهود الأمنية بين المحافظات، وتكثيف المراقبة البحرية، وتفعيل دور منظمات الهجرة واللاجئين، ليس فقط في تقديم الدعم الإنساني، بل أيضاً في معالجة جذور الأزمة المدفوعة.

فما يحصل اليوم ليس عبور عشوائي، بل هناك من ينظم هذه الموجات ويستفيد منها، لكن لا يمكن تحميل الجنوب أكثر مما يحتمل.

من جانبها، تؤكد تقارير المنظمات الإنسانية أن الظروف التي يعيشها المهاجرون في الجنوب صعبة، إلا أن التعامل مع الظاهرة لا يجب أن يبقى تحت طاولة التجاهل الدولي.

إن استمرار الهجرة غير الشرعية بهذه الوتيرة ينذر بتداعيات كارثية، خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي، وشح الموارد، وتضخم التحديات الأمنية. ما تحتاجه العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب اليوم، ليس فقط الدعم العاجل، بل الاعتراف بأن هذه الظاهرة ليست إنسانية فحسب، بل تمثل تهديداً استراتيجياً صامتاً، لا يحتمل التراخي، وهذا التقرير موجه لأصحاب القرار والفاعلين الآخرين.

فيديو