المشهد الاقتصادي العالمي في الربع الأول 2025

اقتصاد - منذ 1 شهر

صعود ارامكو وتوجهات دبي الاستراتيجية

عين الجنوب | تقرير - خاص


الامارات العربية المتحدة الشقيقة حيث تلتقي خطط المستقبل بأرقام الحاضر، نحو تطوير القطاع الاقتصادي والمالي. وفيه تعيد دول الخليج العربي والعالم ترتيب أولوياتها الاقتصادية، بينما تتصدر شركات الطاقة العالمية المشهد بأرقام إيرادات قياسية.

ففي الوقت الذي تشهد فيه الاقتصادات الكبرى تباطؤاً متصاعداً نتيجة الركود الذي ضرب دولاً عدة نتيجه انماط وعوامل مختلفة، تعمل دبي على تسريع وتيرة تحولها إلى مركز عالمي للاقتصاد الجديد. اجتماع اللجنة العليا كشف عن توجهات استراتيجية تتجاوز النفط، مع التركيز على الاقتصاد الرقمي، حيث اطلقت دبي مرحلة جديدة من الميتافيرس الحكومي، بعد نجاح تحويل 90% من الخدمات إلى منصات رقمية، مع استكمال إصدار سندات خضراء بقيمة 5 مليارات دولار لدعم مشاريع الطاقة النظيفة، بجانب السيولة الذكية، عبر تطوير نظام مدفوعات يعتمد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالسيولة في الأسواق المالية.

هذه الاستراتيجية الإماراتية هي استجابة لواقع جديد تتصدر فيه شركات الطاقة المشهد الاقتصادي العالمي، لكن مع تحولات جذرية في مصادر النمو، مثلتها أرامكو العملاق السعودي، حيث تصدرت قائمة الشركات العالمية بإيرادات بلغت 108 مليار دولار في الربع الأول من 2025، متجاوزة منافسيها التاريخيين مثل إكسون موبيل (81 مليار) وشل (69 مليار). هذا الأداء الاستثنائي يعكس عدة حقائق، أولها الاستراتيجية المرنة حيث اضحت أرامكو لا تعد تعتمد فقط على النفط الخام، بل حولت 40% من استثماراتها إلى الغاز والهيدروجين والكيميائيات. ايضاً التحول التكنولوجي عبر الاستثمار في التقنيات النظيفة مثل احتجاز الكربون وخفض كثافة الانبعاثات بنسبة 15% منذ 2020. والاهم هو التكامل العمودي، حيث تسعى الشقيقة الكبرى الى السيطرة على سلسلة القيمة من الاستخراج إلى التكرير والتسويق، مما يضمن هوامش ربح أعلى.

الشيء الذي يستدعي انتباهنا هو أن هذا الصعود يأتي في وقت تشهد فيه أوروبا وأمريكا ضغوطاً لخفض الاعتماد على النفط، او بشكل ادق ازمة البحث عن بدائل، هنا وفي هذه النقطة تحديداً، المملكة عبر عملاقها أثبتت أن الطاقة التقليدية ستظل عماد الاقتصاد العالمي لعقود قادمة، ولكن بصيغة أكثر استدامة.

في الحقيقة يكشف صراع الطاقة هذا والتنافس على اسلوب جديد عن استراتيجية هامة جداً تتمثل في إعادة تشكيل التحالفات، الأرقام الأخيرة تكشف تحولات ملفته في خريطة الطاقة العالمية. أمريكا كمثال، تراجع شيفرون وبي بي يعزى الى التحديات التنظيمية وضغوط المساهمين للتحول إلى الطاقة النظيفة. أوروبا بشكل اخر حيث توتال إنرجيز وحدها تحقق أداءاً قوياً بين الشركات الأوروبية، وهذا يعود الى استثماراتها الكبيرة في إفريقيا. بينما آسيا حيث الشركات الوطنية الصينية والهندية تظهر نمواً سريعاً لكنها ما زالت خارج السباق العالمي.

هذا التوزيع يعيد إلى الأذهان سؤالاً يحتاج الى اجابة، هل نشهد نهاية عصر الشركات النفطية الغربية الموجهه عبر السوق، وصعود نموذج جديد تقوده الشركات الوطنية المدعومة حكومياً؟ والذي تنفذه دول الخليج العربي بجانب الصين بالإضافة الى روسيا نسبياً بغض النظر عن وضعها الحالي والعقوبات والبيروقراطية، إلا انها بشكل استثنائي يستحق الإشادة حافظت على ثبات ونمو إقتصادها.

في سياق الاشقاء في الخليج العربي بالرغم أن هناك اختلاف واضح بين اقتصاد الإمارات المتنوع الذي يعتمد على الصناعة والخدمات، واقتصاد المملكة القائم على الطاقة نسبياً، إلا أن هناك دروساً مشتركة،

اولها الاستثمار في التكنولوجيا، فكما حولت أرامكو النفط إلى صناعة عالية التقنية، تعمل دبي على تحويل الخدمات المالية إلى نموذج يعتمد على الذكاء الاصطناعي. ايضاً هناك استراتيجية جديدة تتبعها المملكة خاصة بعد جائحة كورونا وهي التكيف مع تقلبات الأسعار والتي بسببها عملت على تطوير رؤية 2030 والتي تشبه استراتيجية الامارات في تنويع مصادر الدخل.

ايضاً هناك المقارنات الجديرة بالذكر، أرامكو كمثال تتحول من شركة نفط إلى شركة طاقة شاملة، بمعنى انها تستثمر في تطوير قطاع الطاقة المتنوع والاسثمارات الاخرى. وبنفس الوقت دبي هي أيضاً تتحول من مركز تجاري إلى منصة عالمية للاقتصاد الرقمي والمستدام.

الدرس الأهم هنا هو أن القيادة الطموحة لا تعني مجرد اللحاق بالاتجاهات العالمية، بل صناعتها. فكما أعادت أرامكو تعريف صناعة الطاقة والاستثمار في القطاعات الاخرى مثل الرياضة، السياحة، والصناعات التحويلية، تعمل دبي على إعادة تعريف مفهوم المركز المالي العالمي.

السؤال الآن:- هل نستعد لعالم تُحدد فيه قوته الاقتصادية ليس فقط بموارده الطبيعية، بل بقدرته على دمج التكنولوجيا بالسياسة المالية وتنويع مصادر الدخل التي تعتمد على الخطط الإستراتيجية والرؤى الخمسية التي تشبه تلك التي في الصين او العشرية كما في الخليج العربي؟ التاريخ يُكتب الآن، وعلينا أن نتابع الارقام التي تروي لنا تفاصيل القصة.

فيديو