الذكرى الحادية والثلاثون لفك الارتباط، المسار الثابت نحو استعادة الدولة الجنوبية

دراسات وتحليلات - منذ 30 يوم

عين الجنوب | تقرير - خاص

في الذكرى الحادية والثلاثين لإعلان فك الارتباط، ذلك القرار الوطني الذي اتخذه الرئيس علي سالم البيض في 21 مايو 1994، كحق قانوني يعبر عن إرادة وطنية راسخة رفضت أن تكون ضحية لمشروع وحدة تحول إلى غطاء للهيمنة والاحتلال. اليوم، وبعد ثلاثة عقود من النضال المتواصل، تبرز قضية الجنوب كواحدة من أكثر القضايا الوطنية تعقيداً وإلحاحاً في المنطقة، حيث تترابط أبعادها التاريخية والسياسية والاقتصادية في نسيج واحد يحمل في طياته آمال شعب عانى ما عانى من القهر والاحتلال.

إعلان فك الارتباط كان تتويجاً لمسار طويل من المعاناة بدأ منذ ما يسمى بالوحدة اليمنية عام 1990، التي سرعان ما كشفت عن وجهها الحقيقية، حيث وصفت بأنها عملية تدمير ممنهج لبداية حقبة احتلال يمني واضح المعالم. ما بعد غزو اليمنية، شهد الجنوب تدميراً ممنهجاً لبناه التحتية ومؤسساته، وتحول أبناؤه إلى مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم وارضهم.


من رحم هذه المعاناة، ونضال لم يتوقف منذ الغزو اليمني في94، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل شرعي لإرادة شعب الجنوب، محولاً قضية التحرير إلى مشروع دولة قائم بذاته. خلال السنوات الأخيرة، استطاع المجلس أن يحقق حضوراً إقليمياً ودولياً، استعاد المجلس معظم الارض الجنوبية وأعاد بنشاط تاهيل المؤسسات الجنوبية اهمها المؤسسة العسكرية وحاليا نحو الاقتصاد، في مؤشر واضح على العزم الثابت في بناء دولة جنوبية تثبت كفاءتها وموثوقيتها امام مختلف الفاعلين.

في خضم هذا المسار التحرري، يبرز ملف الاقتصاد والفساد الحكومي، الا ان هناك توجهات نحو بناء دولة النظام والقانون ابرزها طرح فادي باعوم حول قانون اقرار الذمة المالية كأحد أهم الركائز التي يعول عليها لبناء دولة تستند على اسس قانونية. هذا التفعيل يمثل إجراء رقابي، يعزز طابع الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها شعب الجنوب. التجربة المريرة مع الفساد المنظم خلال عقود هيمنة الاحتلال والتي لا زالت تمارس الى الان جعلت من الشفافية المالية شرطاً وجودياً لأي مشروع دولة ناجح. أن تطبيق مثل هذه القوانين سيمكن الجنوب من التمكن من ضبط موارده المسلوبة، وسيكون رسالة قوية للحلفاء والدول الداعمه والمستثمرين بأن الجنوب عازم على بناء نظام حكم رشيد تستحق الدعم والثقة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يدرك منذ البداية أن معركة الاستقلال بقدر ما تخاض على الأرض هناك حاجة لدبلوماسية عالية. في هذا الإطار، نجح في بناء شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية تقوم على أساسين: احترام إرادة شعب الجنوب، والمساهمة في استقرار المنطقة. هذا النهج أوصل القضية الجنوبية إلى مصاف القضايا التي تحظى باهتمام متزايد، مما ينعكس على التفهم حول أن أي حل للأزمة اليمنية لا يمكن أن يستقيم دون معالجة جذرية للقضية الجنوبية.

رغم كل هذه الإنجازات، تبقى التحديات كبيرة وعميقة. الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطن الجنوبي، والبنية التحتية، وتركة ثلاثين عاماً من الفساد والنهب والخراب الذي اتى به الاحتلال اليمني ولازال، كلها عوامل تتطلب معالجة عاجلة. هنا يبرز دور الإدارة المحلية الجنوبية التي تعمل جاهدة على تقديم نموذج مختلف، توجهات نحو ادارة ذاتية تعزز دور القيادة الجنوبية والسلطات المحلية في تبني خططاً طموحة لتعزيز الموارد المحلية وتفعيل دور الإدارات في محافظات الجنوب، في محاولة لتقديم خدمات أفضل للمواطنين رغم شح الإمكانيات نتيجة استهداف المنشآت الحيوية الجنوبية وارتباطات مالية ومؤسسية داخل الحكومة المتخادمة مع ميلشيا الحوثي الارهابية.


ومع ذلك، الذكرى الحادية والثلاثون لفك الارتباط هي محطة للتأكيد على الثوابت والمراجعة والتحضير للمرحلة القادمة. شعب الجنوب الذي قدم الشهداء الميامين على درب الحرية، يملك اليوم زخماً نضالياً وإرادة وطنية صامدة وثابته لاستعادة دولته. النجاح في هذا المسار يتطلب توحيداً أكبر للصفوف وتحرير كامل الارض (معايير مونتيفيديو)، وبناء مؤسسات قوية تقوم على الحكم الرشيد، وشراكات إستراتيجية بناءه، والأهم من ذلك كله، الحفاظ على الثقة بين القيادة والشعب، الذي ينتظر استعادة القرار الجنوبي، وكامل تراب الوطن الجنوبي.

الجنوب نحو استعادة دولته وهويته وسيادته، لانه حق وشعب وإرادة. المجد للشهداء الذين رووا بدمائهم ثرى وطننا الجنوبي، والحرية للأسرى والمعتقلين، والنصر لشعبنا العظيم.

فيديو