اليمن بين مسارين لا ثالث لهما – هل حان وقت الحلول الجذرية؟

دراسات وتحليلات - منذ 8 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص


منذ انقلاب ميليشات الحوثي وسيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014، دخل الشمال اليمني في دوامة من الفوضى، زادها تعقيداً تدهور الأوضاع الاقتصادية، وغياب الدولة، وتصاعد النزعة السلطوية التي تحاكي النموذج الإيراني من حيث الهيمنة الأمنية وتقييد الحريات وتسييس العقيدة. وقد باتت معاناة السكان هناك تتجاوز الحدود، في ظل سيطرة الجماعة على كل مورد، عكسته تردّي الخدمات، وانتشار القمع، وتدمير البنية الاجتماعية.

بات واضحاً أن بقاء الوضع على ما هو عليه لم يعد خياراً عملياً. ومن منطلق موضوعي محايد، فإن الخيارات المتاحة تضيق، ويبدو أن الوقت قد حان لطرح مسارات حاسمة. فإما:

المسار الأول: عملية تحرير شاملة على غرار التحالف الدولي ضد "داعش"

كما تصدّت الولايات المتحدة مع شركائها لتنظيم داعش عبر تحالف دولي واسع النطاق، فإن المنطق ذاته يمكن إسقاطه على واقع الشمال اليمني. فالحوثيون، من منظور الواقع السياسي والإنساني، ليسوا طرفاً وطنياً قابلاً للتسوية، بل قوة أيديولوجية مسلحة متطرفة تمارس السيطرة بالقوة والقمع، وتفرض نموذجاً أحادياً طائفياً يهدد الاستقرار الإقليمي.

أمام هذا الواقع، فإن إطلاق عملية إقليمية ودولية بالتكامل مع القوى المحلية لتحرير الشمال اليمني من سيطرة الحوثي بات خياراً مطروحاً، بل ملحّاً، ويستند إلى إرادة شعبية غير معلنة صراحة لكنها تتجلى في الهروب الجماعي من مناطق سيطرتهم، وفي صمت المجتمع المقهور.

المسار الثاني: العودة الى الوضع السابق قبل 1990

إذا لم تكن هناك إرادة لتحرير الشمال من الداخل أو الاقليم او عبر تحالف خارجي اوسع، فإن الخيار الثاني الأكثر واقعية هو منح الشعبين حرية اختيار مسارهما المستقلين: دولة في الجنوب على حدود ما قبل عام 1990، ودولة في الشمال تتعامل مع واقعها كما تراه مناسباً.

هذا الخيار يهدف إلى تجنّب التصادم. فقد أثبت الواقع أن التعايش القسري في ظل مشاريع متضادة لهويتين متمايزتين يؤدي إلى مزيد من الفوضى. النموذج الفيدرالي لم يُطبّق، والنموذج الوحدوي انهار عملياً، ونموذج الجمود القائم الآن لا يُنتج سوى مزيد من المعاناة.

في كل الأحوال، فإن المراوحة الحالية لم تعد مقبولة. الإقليم والعالم أمام استحقاق أخلاقي واستراتيجي لتحديد مسار واضح، او على اقل تقدير تمكين حكومة جنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ومجلس حرب في الشمال اذا كان مقدر للوضع الحالي ان يستمر دون زمن محدد، لذا السؤال الجوهري المطروح اليوم:

هل حان الوقت لاتخاذ قرار جذري؟

فالأحداث أثبتت أن الرهان على الوقت لم يكن في صالح الجنوب ولا الشمال ولا في صالح استقرار المنطقة. عاجلاً أم آجلاً، ستتشكّل القناعة بأن أحد هذين المسارين هو الطريق الوحيد نحو حل حقيقي، إما عبر تحرير شامل يعيد الدولة للشمال، أو عبر إعادة تشكيل الواقع السياسي عبر مسارين مستقلين لكل من الشعبين في الشمال والجنوب.

فيديو