الذكرى العاشرة لتحرير الضالع.. ملحمة الجنوب التي غيرت مسار الحرب

تقارير - منذ 7 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص


في الخامس والعشرين من مايو 2015، كتب أبناء الجنوب احد أبرز فصول مقاومتهم ضد الاحتلال اليمني، عندما انطلقت من جبال الضالع أول شرارة لـعاصفة الحرية التي ستتحول لاحقاً إلى نقطة تحول استراتيجية في موازين القوى بالمنطقة. هذه الذكرى العاشرة تستدعي قراءة متأنية لأبعاد معركة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت اختباراً لإرادة شعب قرر أن يكون سيداً على أرضه ومصيره.

محافظة الضالع، بحكم موقعها الجغرافي المتاخم للحدود التاريخية بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والعربية اليمنية، تشكل نقطة العبور الاستراتيجية الحوثية للسيطرة على الجنوب. فبعد احداث 2014 في اليمنية وتقدم المليشيات المدعومة إيرانياً بسرعة صوب الجنوب، وجدت الضالع نفسها في خط المواجهة الأول. الاستشهادات التي قننها عسكريون لاحقاً تكشف أن ميلشيا الحوثيين قدروا أن السيطرة على هذه القلعة الجبلية ستمكنهم من، قطع خطوط إمداد المقاومة الجنوبية وتأمين طريق مباشر نحو العاصمة عدن

لكنهم لم يدركوا أنهم يواجهون معادلة مختلفة هنا، حيث تحولت الارادة الشعبية والتماسك الاجتماعي إلى حلفاء استراتيجيين للمقاومة الجنوبية

في ليالي ما قبل المعركة، عقد الرئيس عيدروس الزُبيدي الذي كان قائداّ للمقاومة سلسلة اجتماعات سرية مع قادة المقاومة ولانغفل عن دور الشيخ رشاد في توحيد المقاومة تحت سيادة الرئيس. الاستراتيجية التي استخدمت في تلك الاجتماعات تظهر دقة التخطيط الذي اعتمد على استراتيجية العزل التام حيث تم قطع جميع خطوط الإمداد عن القوات الحوثية المتمركزة في معسكر الجرباء ولواء عبود منذ الساعات الأولى مثلها دور اللواء شلال علي شائع من الجهه الشرقية الشمالية، وخالد مسعد والشهيد شلال الشوبجي من الجهه الشمالية، ومن الازراق حيث برزت محاولات لتعزيز الميليشيا عبر هذه الجهات، قبل العملية الحاسمة، تم اطلاق عمليات متلاحقة لاستنزاف العدو سميت بحرب حرق الاعصاب والتموية، حتى يظن العدو ان هذا هو يوم الهجوم لكن خابت توقعاته، ففي وقت حاسم بدأت الملحمة بضرب المواقع من عدة اتجاهات في وقت متزامن.

ساعة الصفر تشكلت الليلة الذي رجفت فيه الأرض مع منتصف ليل دامس، انطلقت العمليات العسكرية وفق خطة محكمة، قوات الشهيد فارس الضالعي تولت مهمة اقتحام موقع الخزان الاستراتيجي سقط فيها اول شهيد في المعركة وهو الشهيد محسن راوح, مقاومة الشهيد أياد الخطيب شنّت هجوماً مفاجئاً على القشاع والجمروك وادارة امن الضالع, مقاومة الشهيد علي عبدالله الخويل حسمت معركة العرشي والمجمع الحكومي ومستشفى السلامة والامن المركزي بالتعاون مع ابناء الحود، ومقاومة تحت قيادة الشهيد ابو علي.

المفارقة أن معظم الأسلحة المستخدمة شخصية في الهجوم وبعضها كانت قد استولت عليها المقاومة من العدو في معارك سابقة، في إشارة واضحه لقدرة المقاومة الجنوبية على تحويل الارادة إلى انتصارات.

خريطة العمليات العسكرية تظهر كيف تحولت الضالع من ساحة لمحاولات تقدم الإحتلال اليمني إلى قاعدة انطلاق، في سويعات تم تحرير المدينة، والسيطرةعلى المرتفعات الاستراتيجية مثل موقع المظلوم والخزان ومعسكر الجربا والقشاع ولواء عبود كما هناك أسرى حوثية بالمئات ولولا توجيهات الرئيس القائد الزُبيدي بفتح ممر لفرار الميلشيا بالتنسيق مع اللواء شلال علي شائع ومقاومة الشعيب وذخار لكان العدد بالآلاف

وراء كل تقدم في المعركة، هناك قصة إنسانية تذكرنا أن الحرب ليست مجرد احصائيات بل تضحيات ودماء وشهداء برز فيها قيادات نسوية وتكاتف جنوبي مثلها ابناء يافع بامدادهم المقاومة بالغذاء والرجال وايضا ابناء ردفان، في أول دبابة تم إصلاحها ووصلت للمقاومة الجنوبية في الضالع والتي غيرت ميزان القوى نسبياً، وهناك دور للتحالف العربي مثله الانزال المظلي خاصة من المملكة العربية السعودية ودور الاخوة السلفيين، ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان انتصارالضالع كانت الشرارة التي أشعلت انتصارات اخرى تمثلت في تحرير العاصمة عدن (يوليو 2015) وقاعدة العند في لحج (اغسطس)

الدرس المستفاد من هذا النصر الجنوبي المؤزر نستلهم منه بعد عشرة أعوام من النصر أن الالتفاف حول قيادة موحدة تمثلت في تحويل المقاومة الجنوبية في الضالع الى قوة قوية ومتكاتفه تحت سيادة الرئيس القائد الزُبيدي، كما لا ننسى دور ابناء الضالع المدنيين الذين شاركوا في صناعة هذا النصر ودور الحرائر في التعبئة والدعم المعنوي والمادي كالغذاء الذي صنع في كل بيت.، وبالرغم أن ادارة المعركة نجحت بأقل الامكانيات، الا انها كما وصفها احد افراد المقاومة بعيون مملؤة بالعزيمة والسرور، قائلآ: قاتلنا الاحتلال لسنوات عديدة واليوم في غضون 16 ساعة تم تحقيق هذا الهدف، لا يمكن وصف ذلك الا انها توفيق الله وارادته

الضالع، أصبحت رمزاً لإرادة جنوبية لا تنكسر. احتفلت فيها العاصمة عدن والمرابطين فيها ومختلف محافظات الجنوب بهذا الصمود والنصر الجنوبي،, وفي كل عام، عندما يحل الخامس والعشرون من مايو، يعيد شعب الجنوب وقيادته ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي تأكيد أن الحرية ليست هبة، بل حق يُنتزع بالدم والتضحيات. هذه القصة، برغم كل ما كتب عنها، تبقى صفحات منها تنتظر أن تُروى، وشهداء ينتظرون دعوات خالصة وامهات تستحق قبلات على الجبين. فلا نامت اعين الجبناء والغزاة المعتدين

الرحمة والمغفرة للشهداء

والنصر لشعبنا الجنوبي العظيم

فيديو