العبث الاقتصادي في الجنوب، بين الواقع المتدهور والفعل الغائب

اقتصاد - منذ 3 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص


يتعرض الجنوب اليوم لحالة غير مسبوقة من العبث الاقتصادي، تجسّدت في سياسات وإجراءات تُمارس دون مسؤولية أو مراعاة لأسس البناء والاستقرار. اقتصاد الجنوب لا ينحدر فقط بفعل التحديات الموضوعية، بل يُدفع نحو الهاوية بفعل قرارات ترتكز على المحاصصة والمغنم، لا على المبادىء الوطنية أو الحاجة التنموية. هذا الواقع هو انعكاس لتحديات ما بعد الحرب، وحصيلة مباشرة لغياب الرؤية، وانعدام الفعل الوطني المسؤول.

يتحدث الواقع بلغة الأرقام، ولكن أيضاً بلغة الفساد الممنهج. رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي تصفه الأوساط الشعبية والسياسية بالفاسد الكبير، يرمز إلى نموذج لا يسعى للإنقاذ بل للتوسع في الامتيازات. الوزارات تواجد اسمي بلا اثر، سفراء بلا مهام واضحة آخرها في الدومينيكان، والخبراء يتم تعيينهم وكأنهم مكافآت سياسية. في المقابل، الخدمات الأساسية تنهار، العملة تتآكل، والأسواق تنذر بانفجار معيشي لا يرحم.

أمام هذا المشهد، وواقعية ما تحدث عنه فضل الجعدي، حقيقة، لا يمكن للشعوب أن تعيش على الانتظار. إن الفعل وحده هو من يصنع الفرق، ويبني الاستقرار. الجنوب بحاجة إلى إرادة تتجاوز منطق الاستجداء، وتنتقل إلى مساحة المبادرة، والتخطيط، وبناء مؤسسات قادرة على حماية الموارد وتوجيهها نحو الإنتاج والتنمية، وليس نحو مؤسسات معروفة بتبعيتها لقوى الفساد

أيضاً بجانب ضرورة تحمل الجنوب هذا العبء. على القوى الإقليمية والدولية أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية. فالدعم الدولي، حين يتماهى او يصمت عن استمرار العبث الحالي، يصبح جزءاً من الأزمة لا من الحل. المطلوب ليس فقط دعماً بناءاً، بل اعترافاً سياسياً بحق الجنوب في اختيار مساره، ومساندة حقيقية لدعم المؤسسات الجنوبية المستقلة، من اجل حماية ثرواته وتحقيق تطلعات شعبه.

بقاء الوضع على ما هو عليه لا يهدد فقط الجنوب، بل يُسهم في ترسيخ بؤر الضعف والانفجار في الإقليم كله. الجنوب لا يحتاج إلى المزيد من التردد، بل الى الفعل والمبادرة وإلى شراكة حقيقية قائمة على احترام الإرادة الشعبية، وإسناد جهود البناء لا عرقلتها. المرحلة الحالية وبمبرراتها الشعبية وقوة حجتها تتطلب حسماً في الموقف، ووضع حد للعبث الاقتصادي، والانطلاق نحو ثبيت المشروع الوطني الجنوبي مما يعيد الاعتبار للجنوب كقوة فاعلة في أمن واستقرار المنطقة.

فيديو