وفد الجاليات الجنوبية في أمريكا.. مناصرة عادلة لصوت شعب صامد

السياسة - منذ 7 ساعات

عين الجنوب | تقرير - خاص

يشهد منتصف شهر يونيو 2025 محطة مفصلية في مسيرة العمل المجتمعي والسياسي للجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشارك وفد ممثل عن الجاليات في فعالية "أيام مناصرة شعب الجنوب" في العاصمة واشنطن خلال الفترة من 16 إلى 18 يونيو الجاري. تأتي هذه الخطوة تتويجاً لجهود تراكمية ومستمرة لتحويل الصوت الشعبي الجنوبي في المهجر إلى تأثير سياسي منظم يخاطب مراكز القرار الأمريكي بلغة الحكمة، والحقوق المشروعة، والتطلع نحو شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

ورغم التحديات التي تواجه الجنوب، فإن الوفد سيؤكد أن المجلس الانتقالي الجنوبي تحت قيادة الرئيس القائد الزُبيدي أظهر نموذجاً فعّالاً في الحكم المحلي والإدارة، واستطاع في ظروف صعبة الحفاظ على الاستقرار والسعي الحثيث لتقديم الخدمات، الأمر الذي يعكس الحاجة إلى دعم فني وتقني دولي يعزز قدرة مؤسسات الجنوب على أداء مهامها بكفاءة واستدامة.

فـ الجنوب ليس مجرد شأن يمني داخلي، بل منطقة تحمل أهمية استراتيجية عالمية. موقعه الحيوي المطل على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية في العالم، يجعله نقطة ارتكاز للأمن البحري الدولي، وهو ما يضع على عاتق المجتمع الدولي، ويشمل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، مسؤولية دعم الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة. إلى جانب الموقع الجغرافي، يمتلك الجنوب امكانيات غير مستغلة بالشكل الأمثل، وسواحل واسعة، وأراض زراعية خصبة يمكن أن تسهم في الأمن الغذائي والاقتصادي.

في الجانب الأمني، أثبت الجنوب أنه شريك موثوق في مكافحة الإرهاب. لقد لعبت القوات المسلحة والأمن الجنوبي دوراً محورياً بالتعاون مع الحلفاء الإقليمين في مواجهة ميليشيات الحوثي ووقف تمددهم باتجاه المياه الإقليمية، وحماية خطوط الملاحة الدولية من تهديدات متكررة. هذه الأدوار الاستباقية في حفظ الأمن المحلي والاقليمي والدولي لم تأتي من فراغ، بل من عقيدة راسخة لدى الشعب الجنوبي بأن أمن المنطقة هو مسؤولية مشتركة، وأن التعاون مع الحلفاء الاقليمين والدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، ضرورة لا غنى عنها لضمان السلام والازدهار.

سيسعى وفد الجاليات الجنوبية خلال زيارته إلى الكونغرس والإدارة الأمريكية إلى نقل صورة دقيقة للواقع الإنساني والسياسي في العاصمة الجنوبية عدن وسائر محافظات الجنوب، حيث يعاني السكان من أزمات متعددة نتيجة استمرار الحرب، وغياب الاعتراف الكامل بالجنوب كشريك سياسي أصيل. وسيطالب الوفد بإنهاء الصراع، ومواجهة الإرهاب، والعمل على سلام عادل يضمن لشعب الجنوب حقه في تقرير مصيره، واستعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة.

كما سيتناول الوفد جذور القضية الجنوبية، من خلال إعادة التذكير بأن الجنوب كان دولة مستقلة حتى عام 1990 حين تم توقيع اتفاق وحدة مع العربية اليمنية. غير أن هذه الوحدة سرعان ما تحولت إلى احتلال قسري عقب حربين شنهما الشمال في عامي 1994 و2015، في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي. ومنذ تلك الفترة، عاش أبناء الجنوب تحت سياسات إقصاء وتهميش وطمس للهوية، إلا أنهم صمدوا وأظهروا وعياً سياسياً ووطنياً فريداً، وواصلوا التعاون مع الحلفاء الاقليمين لمكافحة الإرهاب والتوسع لشراكات دولية.

تعكس هذه الفعالية في واشنطن تحوّلاً هاماً في أداء الجاليات الجنوبية، حيث لم تعد مشاركتها تقتصر على المواقف العاطفية، بل أصبحت تؤطر ضمن رؤية عمل مؤسسي قادر على التأثير في السياسات الدولية. ومن هنا، فإن هذه الأيام تشكل لحظة محورية لتسليط الضوء على قضية الجنوب العادلة، والاعتراف به كشريك موثوق في بناء بيئة آمنة ومستقرة، قائمة على أسس القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

كما إن وفد الجاليات الجنوبية يدعو كافة وسائل الإعلام الدولية والمحلية إلى تغطية هذا الحدث الذي يعتبر الاول من نوعه، والتفاعل معه بما يعكس نبض شعب يسعى للعدالة، ويرفع صوته بلغة العقل، ويُمد يده لكل من يسعى للسلام والشراكة والتقدم والاستقرار.

فيديو