منازل مفخخة وأحياء على حافة الانفجار: الحوثي يحوّل حياة المواطنيين إلى مخازن موت مؤجّل

تقارير - منذ 22 ساعة

عبدالصمد القاضي، عين الجنوب

بينما تستيقظ المدن الآمنة على أصوات العصافير، تستيقظ مناطق سيطرة الحوثيين على دويّ الانفجارات ورائحة البارود وصراخ الأطفال تحت الأنقاض.. لا شيء آمن في الأحياء التي تحوّلت إلى مخازن موتٍ مؤجّل، تخبئه المليشيا خلف جدران المنازل ووسط الأسواق والمحال والساحات التربوية؛ حيث لا يعلو صوت فوق صوت الجريمة.
 
ففي واحدة من أبشع صور الاستهتار بحياة المدنيين حوّلت مليشيا الحوثي خلال الأشهر الأولى من عام 2025 منازل المدنيين والمدارس والمزارع المهجورة في مناطق ريفية بمحافظتي تعز وصنعاء إلى مخازن أسلحة وورش تصنيع عبوات ناسفة وطائرات مسيّرة، مهددة حياة آلاف السكان الآمنين، ومخالفة بوقاحة فاضحة القوانين الدولية التي تُحرّم اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية.
 
بيوت المدنيين تتحول إلى معامل ومخازن متفجرات
 
في مناطق شرعب الرونة والدمنة وماوية وحيفان، تصاعدت خلال الأشهر الأولى من عام 2025 شكاوى الأهالي من انتشار عناصر غريبة تستأجر منازل أو تبني سواتر ترابية في أطراف القرى دون سبب ظاهر.
 
قال أحد أبناء منطقة الزغارير بمديرية شرعب الرونة لـ"الساحل الغربي":
في بداية مارس بدأ الغرباء يتوافدون.. أغلقوا بيتاً مهجوراً ومنعوا الناس من الاقتراب.
 
ووفقاً لمصدر خاص لـ"الساحل الغربي"، أكد أن مليشيا الحوثي تستأجر منازل المدنيين في مديريات شرعب الرونة وماوية والتعزية وحيفان، بالإضافة إلى غرف المدارس الحكومية في ريف تعز، –خاصة تلك البعيدة عن أعين السكان– وتستخدمها لتخزين الأسلحة أو تصنيع العبوات الناسفة والطائرات المسيّرة. وأضاف أن عناصر المليشيا هجّرت الأهالي وحوّلت منازلهم إلى مخازن.
 
وفي مديرية حيفان سيطرت مليشيا الحوثي على عدد من المنازل في منطقة الأعَبوس وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية، وأخرى إلى مخازن سلاح وسط أحياء سكنية مكتظة؛ وأوضحت "أسماء محمد" (اسم مستعار) أن المليشيا سيطرت في مايو الماضي على منزل أحد المواطنين في منطقة الأعَبوس وحوّلته إلى مخزن لتسليح الجبهة الشرقية لمديرية حيفان؛ وأضافت أن الحوثي كثّف النقاط العسكرية في المنطقة، وما زال يواصل السيطرة على عدد من المنازل المهجورة وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومخازن ذخيرة.
 
"نصر سلطان" أحد سكان منطقة الحفاء بمديرية السبعين بصنعاء، يقول لـ"الساحل الغربي":
إن مليشيا الحوثي تستخدم منازل المدنيين كسواتر بشرية، في مخالفة واضحة للمادة (58) من القانون الدولي الإنساني، التي تُحرّم وضع الأهداف العسكرية ضمن التجمعات المدنية وتحظر تعريض المدنيين للخطر...
لكنّ مليشيا الحوثي لا تكتفي بالتخزين بل تمارس الترهيب وتفرض الصمت القسري على من يحاول التبليغ أو التوثيق.
 
شهادات حيّة
 
ماوية–تعز: منزل مستأجر يتحوّل إلى محرقة
 
في نهاية مايو 2025 وقع انفجار عنيف في منطقة "الصلبة" بمديرية ماوية شرق تعز.. ووفق روايات محلية كان المنزل حديث الإيجار من قِبل مجموعة قادمة من الحوبان، قدموا أنفسهم كـ"مراقبين ميدانيين"؛ وبعد أسابيع فقط دوّى الانفجار، ليقتل طفلين ويصيب أكثر من 15 آخرين بجروح خطرة، إضافة إلى تدمير ثلاثة منازل مجاورة.
 
سمعنا دويّ انفجار ووجدنا أنفسنا تحت الركام... لم نكن نعلم أن بيت الجيران يخزّن الصواريخ.
بهذه الكلمات تلخّص "أم أيمن" المأساة التي ضربت حياً سكنياً في مديرية ماوية، عندما انفجر أحد المنازل المستأجرة من قبل مليشيا الحوثي، كاشفاً عن وجود مخزن متفجرات وسط التجمعات السكانية.
 
وذكر شاهد عيان في مديرية ماوية أن مليشيا الحوثي منعت الاقتراب من المكان.. وبعد الانفجار أرسلت عناصر مسلحة طوّقت الحي وهددت كل من يصور أو يتحدث.
 
بني حشيش–صنعاء: انفجار يهزّ الريف
 
في الأسبوع الأول من مايو 2025 هزّ انفجار غامض منطقة بني حشيش شمال شرق صنعاء، ليتضح لاحقاً أن الموقع كان مزرعة قديمة جرى تحويلها إلى مخزن للصواريخ والطائرات المسيّرة.. إذ كانت المليشيا قد خزّنت كميات كبيرة من الأسلحة في نفق تحت الأرض، لكن تماساً كهربائياً أدى إلى انفجار بعض الذخائر، فتطايرت الشظايا إلى المنازل المجاورة، أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 170 مدنياً.
 
ورغم الحادث لم تسمح المليشيا لأي منظمة أو وسيلة إعلام بالوصول إلى الموقع، كما أجبرت السكان على توقيع إفادات تنفي أن الانفجار ناتج عن مخزن سلاح، واعتقلت من قام بتوثيق الجريمة.
 
أحد الناجين روى:
لم يكن البيت مختلفاً عن باقي البيوت، لكننا كنا نشاهد تحركات ليلية وعربات لا تحمل لوحات. بعد الحادث حاصروا المنطقة وأخذوا الجثث.. ثم نفوا كل شيء.
 
دروع بشرية؛ وحماية للسلاح بأجساد المدنيين
 
في الحالات الثلاث (ماوية وبني حشيش وسابقاً الحديدة)، لم تكن المخازن في الجبهات أو المواقع العسكرية بل في قلب الأحياء السكنية، حيث يعيش المدنيون ويتنفسون الموت دون أن يعلموا.
 
في مناطق سيطرة الحوثيين لم يعد السلاح والانفجارات في الجبهات ولكن في قلب البيوت؛ كل منزل قد يكون فخاً وكل جار قد يكون غطاءً لصاروخ وكل شارع مسرحاً لانفجار قادم.. إنها قنابل زمنية لا تنفجر إلا على رؤوس الفقراء، وجريمة تُنفى كلياً من على شاشات الجماعة الإرهابية وأبواقها.

منقول من موقع الساحل الغربي

فيديو