المحرر السياسي لعين الجنوب.. رماح العدو المسمومة في جسد الوطن

السياسة - منذ 7 أيام

عين الجنوب|| خاص

في زمن الصراع، يسهل علينا أن نعرف العدو الذي يقف أمامنا في الجبهات. نرى وجهه، نعرف اسمه، ونحمل السلاح ضده. لكن الأخطر من ذلك العدو الظاهر، أولئك الذين يسيرون بيننا بملابس أبناء الوطن، يتحدثون بلساننا، ويخالطوننا في الأسواق والمجالس، بينما هم في الحقيقة رماح مسمومة في جسد الوطن.

هؤلاء ليسوا مجرد أفراد عابرين، بل شبكة خفية تقود أخطر أنواع الحروب… حرب الكلمة والإشاعة، حرب الشك وزرع الفتنة.
إنهم ثلاثة… لكن أثرهم يساوي جيشاً كاملاً من الخيانة

الأول… صانع الإشاعة.
هو العقل المدبّر للفتنة، والمهندس الذي يرسم خطة اغتيال الثقة بين الناس. يتغذى على فتات موائد الأعداء، ويبيع ضميره مقابل المال أو رضا سيده الخارجي. يختار كذبته كما يختار القنّاص هدفه، ويضعها في قالب يبدو مقنعاً، ثم يطلقها كرَصاصة مسمومة تخترق العقول قبل القلوب. لا يكتفي بخيانة الوطن، بل يفتح جبهات في عقول الناس قبل أن تشتعل على الأرض.

الثاني… ناقل الإشاعة
هو ببغاء يردد ما يسمع، أو حمار يحمل أسفاراً لا يفقه منها شيئاً. يلهث وراء السبق في النشر، متباهياً بأنه أول من أذاع الخبر، حتى لو كان الخبر طعنة في ظهر وطنه. لا يدرك أنه مجرد طبّال في حفلة الخراب، نافخ في نار الفتنة، وذيل يتبع رأس الخيانة بلا وعي.

الثالث… مصدّق الإشاعة.
هو الأخطر بينهم. يسلم عقله لكل ما يسمع، ويصدق كل ما يقال، ثم يتحول – دون أن يدري – إلى جندي مجاني للعدو. يوسع دائرة السم، ويمنح الإشاعة سرعة انتشار أكبر مما كان يحلم به صانعها. يظن نفسه بريئاً، بينما هو في الحقيقة جزء من ماكينة التخريب.

العدو الخارجي حين يطلق قذيفة، نملك القدرة على صدّها أو ردّها. لكن قذائف هؤلاء الثلاثة تنفجر في صدورنا وعقولنا، وتترك جراحاً غائرة لا تلتئم. إنهم الطابور الخامس الناعم، لا يحملون البنادق، لكنهم يقتلون باللسان والكلمة، ويغتالون بالمنشور والصورة والفيديو، ويفتحون ثغرات في حصون الوطن من الداخل.

الرسالة هنا واضحة:
إن الإشاعة ليست خبراً، بل رصاصة خيانة.
والسكوت عنها ليس حياداً، بل شراكة في الجريمة.
ومن أراد حماية الوطن، فعليه أن يحمل سلاح الوعي كما يحمل المقاتل بندقيته، وأن يقف في وجه الأغبياء الثلاثة بلا هوادة، قبل أن ينفجر الوطن من الداخل بلا طلقة واحدة من الخارج.

فيديو