اليمن في اليوم العالمي للعمل الإنساني.. احتياجات متفاقمة وانتهاكات متصاعدة

السياسة - منذ 14 ساعة

 عدن، عين الجنوب: 

بينما يحيي العالم في التاسع عشر من أغسطس اليوم العالمي للعمل الإنساني، يقف اليمن شاهدًا حيًا على إحدى أعقد الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. بلد أنهكته الحرب المستمرة منذ ما يقارب العقد، وغرق سكانه في أزمات الجوع والمرض والنزوح، حتى بات يصنَّف ثالث أكبر أزمة جوع في العالم.

لكن ما يجعل الصورة أكثر مأساوية هو أن اليد التي تمتد لإنقاذ الأرواح تواجه بدورها التهديد والاعتداء؛ إذ يجد العاملون في المجال الإنساني أنفسهم هدفًا للانتهاكات والجرائم، في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتياجات ويقل فيه الدعم والتمويل.

وفي بيان مشترك، أطلقت 68 منظمة إغاثية دولية ويمنية دعوة صريحة للتضامن مع اليمن والتحرك العاجل، مشيرة إلى أن البلاد تقف على حافة مجاعة جديدة، مع توقعات بأن 18 مليون شخص سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول سبتمبر.

وأشارت المنظمات إلى أن معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض تتصاعد بشكل مقلق، مع انعكاسات كارثية على أطفال اليمن بالدرجة الأولى، إلى جانب النساء والفتيات والنازحين والمهاجرين والفئات الأكثر ضعفًا.

أوضح البيان أن الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها اليمنيون للبقاء على قيد الحياة باتت تتضاءل بشكل خطير نتيجة تخفيضات التمويل الدولية والقيود التشغيلية المفروضة على المنظمات. واعتبرت المنظمات أن هذا الواقع يخلق "مسارًا تصادميًا"، حيث تتضاعف الاحتياجات الإنسانية في اللحظة نفسها التي يتراجع فيها الدعم والقدرة على الاستجابة.

ما يضاعف المأساة أن العاملين في المجال الإنساني أنفسهم أصبحوا ضحايا للصراع. فقد سُجلت منذ بداية العام الجاري 17 حادثة عنف ضد العاملين وممتلكاتهم في مختلف مناطق اليمن. كما لا يزال عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية محتجزين تعسفيًا لدى سلطات الحوثيين، بعضهم منذ أكثر من عام، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. 

وحذرت المنظمات من أن استهداف عمال الإغاثة لا يمثل فقط اعتداءً على حقوقهم، بل يشكل أيضًا "هجومًا غير مباشر على ملايين المستضعفين الذين يعتمدون على خدماتهم المنقذة للحياة".

ورغم الانتهاكات، يؤكد البيان أن العاملين في المجال الإنساني لم يتوقفوا عن أداء رسالتهم. ففي هذا العام وحده، وصلت 155 منظمة إغاثية إلى أكثر من 3.2 مليون شخص شهريًا بتقديم الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمأوى والدعم النقدي والخدمات الأساسية الأخرى. هذا الإصرار، كما تقول المنظمات، يثبت أن "العاملين في المجال الإنساني يقفون جنبًا إلى جنب مع المجتمعات التي يخدمونها، متحدّين المخاطر والصعوبات، من أجل إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة".

واختتمت المنظمات الـ68 بيانها بالتأكيد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية، عبر حماية العاملين في المجال الإنساني وتمكينهم من أداء واجبهم بأمان، وتوفير التمويل الكافي للاستجابة الطارئة، خصوصًا في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية العالمية التي تهدد بتقليص الموارد المخصصة لليمن.

وفي يوم يُفترض أن يكون تكريمًا للإنسانية وعمالها، يطل اليمن بصورة أكثر قسوة: ملايين يعانون الجوع والمرض، وعمال إغاثة يدفعون حياتهم ثمنًا للقيام بواجبهم. وبينما يطالب المجتمع الإنساني بالحماية والدعم، تبقى حياة الملايين رهينة قرارات سياسية ودولية لم تنصف اليمن بعد.

وفي سياق متصل، أكد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن: "إن ما نشهده اليوم في اليمن يتجاوز حدود الأزمة الإنسانية العادية، فالعاملون في المجال الإنساني الذين يخاطرون بحياتهم يوميًا لإنقاذ الأرواح أصبحوا هم أنفسهم أهدافًا للانتهاكات والاعتقالات التعسفية. هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويقوض بشكل مباشر قدرة المجتمع الإنساني على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة."

وأضاف: "نحن ندعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع العاملين الإنسانيين المحتجزين، ونؤكد أن حماية عمال الإغاثة ليست فقط التزامًا أخلاقيًا، بل هي التزام قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني. إن أي اعتداء عليهم هو في الحقيقة اعتداء على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة."

كما شدد المنسق الأممي على أن اليمن بحاجة ماسة إلى تمويل عاجل ومستدام، محذرًا من أن "انخفاض التمويل يعني ببساطة زيادة في معدلات الجوع، وتفشي الأمراض، وفقدان مزيد من الأرواح التي كان يمكن إنقاذها".

فيديو