انتصار الإرادة الجماعية: جهود الانتقالي وفريق التوجيه الرئاسي والنقابات الجنوبية تثمر عودة التعليم في حضرموت

تقارير - منذ 4 ساعات

عين الجنوب || الصوت الجنوبي:
يمثل التعليم في حضرموت والجنوب عموماً حجر الزاوية في مسيرة بناء المستقبل، وقد ظلّ خلال الفترة الماضية رهينة للأزمات الاقتصادية والإضرابات المتكررة التي عرقلت انتظام العملية التعليمية وأثرت سلبًا على حق الأجيال في تلقي المعرفة. ومع اقتراب العام الدراسي الجديد 2026/2025م، بدا المشهد أكثر تعقيدًا في ظل تصاعد المطالب المعيشية للمعلمين وتنامي الضغوط المجتمعية المطالبة بفتح المدارس.

في خضم هذا الوضع الحساس، قاد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، تحركات واسعة بالتنسيق مع الحكومة، عبر وزارة التربية والتعليم، وسلطات حضرموت المحلية، إلى جانب جهود ميدانية بارزة لفريق التوجيه والرقابة الرئاسي. وقد أثمرت هذه الجهود عن تذليل كثير من العقبات، وتوفير الأرضية الملائمة لانطلاق العام الدراسي الجديد في موعده المقرر.

وما بين مواقف داعمة لحقوق المعلمين، ومساعٍ جادة لإقناعهم بضرورة تغليب مصلحة الطلاب، برز دور قيادة انتقالي حضرموت بقيادة العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، الذي عمل على الجمع بين النقابات واللجان المجتمعية والتواصل مع السلطة المحلية في مسار واحد، لتخرج حضرموت في النهاية بقرار جماعي يعيد الحياة إلى المدارس ويمهد لعام دراسي واعد، رغم التحديات.


الرئيس الزُبيدي ودعم القيادة العليا لحق التعليم

لقاء الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بوزير التربية والتعليم طارق العكبري شكّل نقطة انطلاق حاسمة في مسار استعادة العملية التعليمية. فقد أكد الزُبيدي على أن التعليم يمثل أولوية قصوى للمجلس الانتقالي، وشدد على أن مجلس القيادة الرئاسي يتفهم مطالب المعلمين المشروعة، لكنه في الوقت نفسه يعوّل على حسّهم الوطني ووعيهم بخصوصية المرحلة.

الرئيس الزُبيدي بعث برسائل طمأنة للكوادر التربوية، مؤكدًا أن الحكومة ستبحث عن حلول عادلة لتحسين أوضاعهم، مع تجديد الثقة بأن المعلمين لن يتخلوا عن رسالتهم الوطنية في تعليم الأجيال. هذا الموقف فتح الباب أمام سلسلة من الترتيبات العملية التي قادتها وزارة التربية بالتنسيق مع السلطات المحلية والمجلس الانتقالي.

كما وجّه الزُبيدي قيادة المجلس بدعم كافة المبادرات الهادفة إلى انتظام العام الدراسي في موعده، ومضاعفة الجهود لتجاوز الصعوبات التي تعترض هذا القطاع الحيوي. هذه الرسائل رفعت سقف المسؤولية على الجميع، ورسّخت قناعة بأن التعليم قضية وطنية جامعة لا يمكن المساومة عليها.

في ضوء ذلك، برزت تحركات ميدانية في حضرموت كان محورها الأساسي انتقالي المحافظة وفريق التوجيه والرقابة الرئاسي، في مسعى لترجمة توجيهات القيادة العليا إلى واقع ملموس على الأرض.


فريق التوجيه والرقابة الرئاسي.. حضور ميداني وحسم للجدل

بوصول فريق التوجيه والرقابة الرئاسي إلى المكلا، برئاسة المحامي يحيى غالب الشعيبي، اكتسبت جهود الانتقالي زخمًا مضاعفًا. فالزيارة لم تقتصر على متابعة الأداء التنظيمي لهيئات انتقالي حضرموت، بل تزامنت مع لحظة مفصلية تتعلق بمصير العام الدراسي الجديد.

الفريق عقد سلسلة لقاءات مع قيادة انتقالي حضرموت، النقابات، اللجان المجتمعية، واتحاد عمال الجنوب، ناقش خلالها أزمة التعليم من كافة جوانبها، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: تدشين العام الدراسي في موعده دون تعطيل.

وفي تصريح خاص لـ الصوت الجنوبي، أكد المحامي يحيى غالب الشعيبي أن نزول الفريق إلى حضرموت "جاء في توقيت استثنائي، حيث تداخلت الأزمة الاقتصادية مع مطالب المعلمين، وكان لزامًا علينا أن نعمل على تحقيق معادلة متوازنة تحفظ حقوق المعلمين وتؤمن في الوقت نفسه حق الطلاب في التعليم". وأضاف: "لقد لمسنا تجاوبًا وطنيًا من كل الأطراف، وهذا ما جعل حضرموت تنجح في تجاوز الأزمة وتبدأ عامها الدراسي بانتظام".

كما أوضح الشعيبي أن الفريق رفع تقارير مفصلة إلى قيادة المجلس، تتضمن توصيات عملية لضمان استمرارية العملية التعليمية، مشددًا على أن "التعليم في الجنوب لن يكون رهينة لأي ظرف، وسيظل المجلس الانتقالي داعمًا له باعتباره أساس بناء الدولة الجنوبية المنشودة".

انتقالي حضرموت.. قيادة ميدانية وتنسيق متكامل

لعبت قيادة انتقالي حضرموت دورًا محوريًا في جمع مختلف الأطراف على طاولة واحدة. فإلى جانب اللقاءات مع نقابة المعلمين، حرص العميد الركن سعيد أحمد المحمدي على التواصل مع السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ مبخوت بن ماضي، ودفع باتجاه الاستعانة بمنابر المساجد لتوعية المجتمع بضرورة فتح المدارس.

هذا التحرك المبكر أثمر عن خطب جمعة في مختلف مساجد المكلا حملت دعوات صريحة للمعلمين والمجتمع بضرورة عودة العملية التعليمية، وهو ما لقي ارتياحًا واسعًا وأعاد الأمل في نفوس أولياء الأمور.

وفي تصريح خاص لـ الصوت الجنوبي، قال العميد الركن سعيد المحمدي: "إن عودة الطلاب إلى مدارسهم تمثل انتصارًا لإرادة المجتمع في حضرموت، ونحن في المجلس الانتقالي ندرك حجم التحديات التي تواجه المعلم، لكننا في الوقت نفسه نؤمن بأن التعليم قضية لا يمكن تأجيلها". وأضاف: "لقد عملنا بتنسيق كامل مع فريق التوجيه الرئاسي والنقابات والسلطة المحلية، وكانت النتيجة واضحة في يوم التدشين، حيث امتلأت المدارس بالطلاب والطالبات".

كما أكد المحمدي أن انتقالي حضرموت سيواصل دعمه للنقابات في مطالبها المشروعة، لكنه شدد على أن "أولوية المجلس تبقى دائمًا مصلحة الطلاب وضمان حقهم في التعليم، لأن بناء الإنسان هو جوهر مشروعنا الوطني".

النقابات واللجان المجتمعية.. شراكة حقيقية لحماية التعليم

شكلت اللقاءات المشتركة التي جمعت فريق التوجيه والرقابة الرئاسي، قيادة انتقالي حضرموت، اتحاد عمال الجنوب، نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت، واللجان المجتمعية، نقطة تحول في مسار الأزمة. فقد نجحت هذه الأطراف في صياغة موقف موحد يقوم على تعليق الإضراب والانخراط في العام الدراسي الجديد.

بيان نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بساحل حضرموت في 30 أغسطس كان بمثابة الإعلان الرسمي عن إنهاء الأزمة، حيث أكدت النقابة تعليق الإضراب المفتوح ودعت جميع المعلمين والإداريين إلى مباشرة أعمالهم ابتداءً من الأحد 31 أغسطس.

هذا البيان جاء بعد وعود واضحة من الحكومة بالنظر في مطالب المعلمين، إلى جانب جهود السلطة المحلية في رفع مقترحات تتعلق بالعلاوات المعيشية والتسويات المالية. وقد رحب الشارع الحضرمي بهذه الخطوة، واعتبرها بداية انفراج حقيقي للأزمة.

وفي المقابل، شددت اللجان المجتمعية على أن مسؤولية إنجاح العام الدراسي لا تقع على عاتق المعلمين وحدهم، بل تشمل المجتمع بأسره، داعية أولياء الأمور إلى مساندة المدارس والمعلمين من أجل تجاوز المرحلة الحرجة.

لحظة التدشين.. مدارس حضرموت تفتح أبوابها

في 31 أغسطس 2025، شهدت المكلا لحظة فارقة بتدشين العام الدراسي الجديد في مدرسة السيدة عائشة للبنات، بحضور فريق التوجيه والرقابة الرئاسي برئاسة المحامي يحيى غالب، محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، ورئيس انتقالي حضرموت العميد الركن سعيد المحمدي.

التدشين كان تتويجًا لجهود مكثفة، حيث أكد المحامي يحيى غالب في كلمة خلال الافتتاح أن "الطالب يجب ألا يكون ضحية لأي خلافات"، ناقلاً تحيات الرئيس الزُبيدي، ومشدداً على أن انطلاق الدراسة في موعدها يمثل انتصارًا وطنيًا.

من جانبه، أشاد المحافظ بن ماضي بالجهود المشتركة التي ضمنت انتظام العام الدراسي، فيما أكد العميد المحمدي أن "التعليم سيظل في صدارة أولويات المجلس الانتقالي، لأنه الركيزة الأساسية لبناء الإنسان الجنوبي الواعي والمحصّن بالعلم".

وقد بلغ عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس في حضرموت لهذا العام 324.082 طالبًا وطالبة، موزعين على 886 مدرسة في الساحل والوادي، ما يعكس حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع لضمان استمرارية العملية التعليمية.

فيديو