الجنوب بين صبر ينفد وشراكة منقوضة: الشمال يتهرب من الحوثي ويتجه نحو الجنوب

السياسة - منذ 6 أيام

عدن عين الجنوب | خاص 

إن القرارات الاخيرة التي اصدرها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وكان لسان حاله يقول ليس لدى الإخوة الشماليين رغبة في تحرير الشمال، وقراراتنا  تخص مستقبل الجنوب.لأكثر من عقد من الزمن والجنوب ساحة مفتوحة للإخوة الشماليين بمختلف توجهاتهم ومشاربهم؛ نخب سياسية، أحزاب، هيئات، سياسيون هاربون من سطوة الحوثي. فهذا الكم الهائل الذي يتحمل وطأته الجنوب، انطلاقًا من احترام مبدأ الشراكة بين الطرفين، وتعاطف جنوبي معهم، وتقديرًا للظروف التي يمرون بها باعتبار هذه مرحلة يُهيّئون فيها أنفسهم ويوحدون صفوفهم لمواجهة هذه الجماعة المارقة المتمثلة في جماعة الحوثي الإرهابية وتحرير كل ما تبقى من محافظات الشمال المختطف من قبل هذه الجماعة.

ولكن هذا الصبر والتأني الجنوبي لم يعد – من منظور النخب السياسية الشمالية – سوى تراخٍ وضعف، فتح شهيتهم لاتخاذ الجنوب وطنًا بديلاً، في وقت تستهدف هذه النخب – التي يُنفق عليها بملايين الدولارات من ثروات الجنوب – الجنوب نفسه. والبعض ما يزال يقيم استثماراته في الجنوب في قطاعات مختلفة، منها القطاع النفطي الذي ما زالت أيديهم قابضة عليه في نهب منظّم. هذا الواقع الذي يجلب عليهم المليارات لم يزدهم سوى رغبة في البقاء في الجنوب واتخاذه كوطن بديل، مع تقاعس متعمد عن تحرير الشمال من سطوة الحوثي الإرهابي.

هذا الصبر الجنوبي بدأ ينفد أمام ممارسة هذه النخب سياسة تجويع ممنهجة تستهدف تركيع الشعب الجنوبي وإحداث نقمة شعبية ضد النخب السياسية الجنوبية في مكر سياسي خبيث لم يحترم مبدأ الشراكة التي احترمها الجنوبيون. ويُعد هذا الفعل الشنيع من قبلهم بمثابة انقلاب فعلي على هذه الشراكة بجلب مزيد من التجويع للشعب الجنوبي، وذلك بقطع مرتبات الموظفين للشهر الرابع على التوالي، في وقت المواطن الجنوبي لا يمتلك غير راتبه الزهيد الذي تم قطعه بتعمد واضح من نخب شمالية لا تريد تحرير الشمال الذي يحتاج إلى تحرير فعلي من سطوة الحوثي. لتتجه هذه النخب الشمالية لخلق الفتن والقلاقل وحرب الشائعات وممارسة فساد مالي غير مسبوق في أي دولة من دول العالم، على الجنوب المحرر، وكأنه عدوهم وليس الحوثي، رغم أن مرتبات الجنوبيين لم تأتِ من الشمال بل من ثرواتهم التي تتحكم بها هذه النخب وكأنها تأتي من جيوبهم الخاصة.

إن الأخ الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قد قالها مدوية أمام العالم في كل وسائل الإعلام عند الاقتراب من تحرير ميناء الحديدة: إنه ليس لدى إخوتنا في الشمال رغبة في تحريره، وإلا فقد وصلنا إلى ميناء الحديدة لتحريره من يد الحوثي ولدينا القدرة لدحره، لكن وصلتنا أوامر بالتراجع للخلف وترك الحوثي مع إبقاء ميناء الحديدة في يده، في صورة مبيّتة أنهم لا يريدون تحرير الشمال والتخلص من الحوثي، بل ما نراه أن عيونهم على الجنوب.

ومن هنا نستخلص من كلام الرئيس القائد أن نية الإخوة الشماليين ليست في تحرير الشمال، وإلا فعشر سنوات كافية لتوحيد صفوفهم وتوجيه أسلحتهم إلى الحوثي الذي سلبهم حقوقهم وشرّدهم في أصقاع الأرض، رغم أنه أوهن من بيت العنكبوت. وهنا يتضح أن من فك الشراكة بالتسويف والمماطلة واتجه نحو الجنوب المحرر لإقلاق سكينته وتعكير أمنه ونهب موارده واتخاذه وطنًا بديلاً تُقام فيه كل مؤامراتهم ودسائسهم عليه. ولم يكتفوا بذلك، بل مارسوا سياسة قذرة تستهدف تجويع أبنائه والتلاعب بمقدراته وممارسة أشد أنواع الفساد في مرافقه ومصالحه لجني المليارات لبناء الفنادق وشراء المنتجعات والفلل في الخارج، وبالمقابل يُحرم المواطن الجنوبي من الحصول على رغيف خبز يطعم أطفاله.

فمثل هذا الوضع الذي صار لا يُحتمل، بدأ الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بمجلسه الانتقالي الحامل الوحيد للقضية الجنوبية، بإصدار قرارات هامة تخص الجنوب ومستقبله السياسي. بدأ بعضها في تعيينات لمسؤولين جنوبيين في بعض محافظات الجنوب مثل شبوة، أبين، الضالع، وبعض محافظات الجنوب التي تتعمد هذه النخب تهميشها وجعلها ساحة مفتوحة للشمال بنخبه ومستثمريه ونازحيه الذين بلغ عددهم بالملايين. فما فائدة هذا العدد إذا لم يعملوا بجدية لتحرير الشمال المختطف؟

إن القرارات التي اتخذتها القيادة السياسية ممثلة بالأخ رئيس المجلس الانتقالي لم تعد انقلابًا على الشراكة، بل استحقاقًا شرعيًا لما يمثله المجلس الانتقالي من ثقل باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للجنوب، وما يمثله من وزن سياسي ليس للجنوب فحسب، بل لليمن عمومًا.

وبالعودة لموضوع تحرير محافظات الشمال، فإن القيادة السياسية الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد وكل شعب الجنوب سيعملون على مساعدة الإخوة الشماليين بتقديم ما يمكن تقديمه لاستعاده الشمال التي يتباكون عليه، ولم نجد أي عزم لاستعادته.

فيديو