فكّ الارتباط كضرورة تاريخية.. لماذا بات حلّ الدولتين الخيار الانسب؟

دراسات وتحليلات - منذ 3 أيام

عين الجنوب | خاص

في ظلّ التعقيدات السياسية والتوتر المستمر بين الشمال والجنوب، يبرز حلّ الدولتين كخيار واقعي ومنطقي لحفظ الودّ وروح الإخوة وتبادل المصالح، بعيداً عن دوّامة الصراع والعداء التي أنهكت الجميع.
فمن حيث المبدأ، يعني حلّ الدولتين قيام دولتين متجاورتين مستقلتين، لكلٍّ منهما حدودها وسيادتها وعلمها وعملتها، تربطهما علاقات تعاون واحترام متبادل، بما يضمن الأمن والاستقرار للطرفين.


الوحدة التي ولّدت الانقسام

قبل الوحدة التي وُصفت بـ"المشؤومة"، كان شعب الجنوب وشعب الجمهورية العربية اليمنية يعيشان في جوٍّ من الودّ والتآخي، وكانت قيادتا البلدين تتبادلان التهاني في المناسبات الوطنية والدينية، في مشهدٍ يعكس احترام كل طرفٍ لسيادة الآخر.
لكنّ ما سُمِّي بـ"الوحدة الاندماجية" وما تلاها من اجتياحٍ شماليٍّ للجنوب، أدّى إلى تفجّر الأحقاد والكراهية وتعقّد العلاقة بين الجانبين، حتى بات كل طرفٍ ينظر إلى الآخر بعين الشكّ والعداء.

النتيجة كانت احتقاناً سياسياً واجتماعياً متزايداً، أفقد الوحدة معناها النبيل، وجعلها عبئاً على الشعبين بدلاً من أن تكون جسراً للتكامل والازدهار.

حلّ الدولتين.. خيار واقعي لا عودة عنه

لقد فرض الواقع الجديد في اليمن معادلة مختلفة، جعلت من فكّ الارتباط وقيام دولتين مستقلتين الخيار الأسلم للطرفين، وليس نزوة سياسية أو مطلباً عاطفياً.
فقيام كيانين متجاورين، لكلٍّ منهما مؤسساته وجيشه وأمنه وعلمه، سيضمن سلاماً دائماً وتعاوناً متبادلاً بدلاً من الصراع المستمر داخل كيانٍ موحّد تتنازعه الكراهية والشكوك.

إنّ الدولة الواحدة، عندما تفقد الثقة المتبادلة بين مكوّناتها، تتحوّل إلى ساحة للعنف والانقسام، ويصبح بقاؤها مهدداً بالانهيار.

لذلك فإنّ حلّ الدولتين ليس مشروع تقسيم كما يروّج البعض، بل هو خيار للحفاظ على السلام والأخوّة عبر استقلالٍ متبادل قائمٍ على الاحترام والمصالح المشتركة.

دور الأشقاء العرب في صناعة السلام

يقع على عاتق الأشقاء العرب، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، دورٌ محوري في دعم هذا المسار السلمي، ومساعدة الشعبين الشمالي والجنوبي على الانتقال من حالة النزاع إلى حالة السلم.

فمن مصلحة الجميع وجود دولتين مستقلتين متعاونتين، تربط بينهما علاقات سياسية واقتصادية وإنسانية متينة، تتيح تبادل المصالح والعمالة والتجارة ضمن إطارٍ من الاحترام والسيادة المتبادلة.

 سلام على أساس الاحترام

إنّ خيراً للشمالي أن يدخل الجنوب بجواز دولته المستقلة ويُقابَل بالحفاوة والترحاب، من أن يعيش في وحدةٍ قسرية يسودها التوجس والضغينة والعنف.
إنّ حلّ الدولتين لم يعد مجرّد فكرة، بل هو طريق واقعي للسلام، يعيد الثقة بين الشعبين ويؤسس لعلاقة قائمة على الودّ والتعاون والأخوة الصادقة

فيديو