تحليل :حديث الرئيس عيدروس الزبيدي على قناة الحرة تكشف ضحالة الفهم السياسي لدى خصوم الجنوب وغيب الرؤية السياسية الثاقبة لديهم ..

دراسات وتحليلات - منذ 5 ساعات

عدن، خاص ||عين الجنوب

ضجيج إعلامي وإثارة وتحليل خاطى من قبل البعض على مواقع التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية لحديث الرئيس عيدروس الزبيدي و محاولة لتقزيم وتحريف الموقف السياسي للرئيس القائد عيدروس الزبيدي وتقديمه بطريقة انتقائية تُرضي خصوم الجنوب وتخدم أجندة من اعتادوا الاصطياد في الماء العكر. 

 فتصريحات الزبيدي تم  التعامل معها بعين واحدة وتجاهل جوهر الخطاب الذي عبّر فيه عن نضج سياسي ورؤية مسؤولة توازن بين الواقعية والمبدأ وتضع الجنوب في موقع اللاعب لا التابع والتي حاول البعض أن يصوروا الزبيدي وكأنه تراجع عن الثوابت بينما الحقيقة أنه نقل القضية الجنوبية من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الحضور الدولي والاعتراف السياسي في قلب الأمم المتحدة وبين العواصم الكبرى وهو ما أزعج خصوم المشروع الجنوبي الذين يريدونه أسير الميادين لا فاعلاً على طاولة القرار فمن يتحدث عن التفريط في التفويض الشعبي يتناسى أن هذا التفويض لم يكن يوماً دعوة للانعزال أو التهور السياسي بل هو تفويض لحماية الجنوب وتحقيق هدفه بذكاء واستراتيجية وليس بالمغامرات الانفعالية. 


 الزبيدي لم يقل إن الجنوب انتهى أو إن القضية طويت بل قال بوضوح إن الجنوب شريك في المعركة ضد الحوثي لأن معركة الجنوب لا يمكن أن تُكسب وهو محاصر بنيران الحوثي والإخوان ومن يقف خلفهم الزبيدي هنا يتحدث بعقل الدولة لا بعقل الخطاب المتشنج وهو ما يعجز البعض عن فهمه لأنهم لم يعتادوا رؤية قائد جنوبي يتحدث بلغة الكبار أمام العالم أما الحديث عن أن الزبيدي تناقض أو تراجع فهو تعبير عن قصر نظر فالرجل يدرك أن اللحظة السياسية تتطلب ترتيب الأولويات وأن الجنوب بحاجة إلى تثبيت حضوره داخل المعادلة الدولية قبل إعلان أي خطوة مصيرية العالم لا يعترف بالصراخ بل بالقدرة على التفاوض والمبادرة والواقعية والزبيدي بتصريحاته من نيويورك لم يكن يقدم تنازلات بل كان يضع الجنوب في موقع المسؤول الشريك لا المتمرد ليكسب احترام المجتمع الدولي ويؤمن لحركته السياسية شرعية أقوى مما كانت عليه أما الذين انتقدوا قوله إن تعز ومأرب تريدان الانضمام إلى الجنوب تجاهلوا المقصود السياسي من العبارة فالرجل أراد أن يبعث برسالة إلى الداخل اليمني أن الجنوب لم يعد الخطر بل أصبح النموذج الذي تتطلع إليه مناطق أخرى منهكة من الفساد والفشل المركزي هي رسالة ثقة وليست دعوة للضم ولا تجاوزاً للحدود بل تأكيد على أن الجنوب أصبح عنواناً للكرامة والنظام بينما تغرق بقية المحافظات في فوضى صنعاء وتصوير هذه الواقعية السياسية على أنها تنازل من قبل البعض فهذه نظرة عاطفية لا تليق بتحليل سياسي فالواقعية هي التي حفظت للجنوب تماسكه في أحلك الظروف وهي التي جعلت المجلس الانتقالي رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه بينما كل القوى التي رفضت الواقعية تآكلت وانتهت. 

 الزبيدي اليوم لا يتحدث عن وحدة عمياء بل عن صيغة تضمن للجنوب قراره وهويته وثرواته وهذه ليست خيانة للتفويض بل وفاء له بطريقة عقلانية تحفظ المكاسب وتمنع الانزلاق إلى صدامات جديدة أما الحديث من قبل اولئك المترزقون على أبواب السياسة  أن الزبيدي تحول من زعيم قضية إلى موظف في السلطة يكشف ضحالة الفهم لمفهوم القيادة فالقائد الحقيقي هو من ينتقل بقضيته من الميدان إلى مؤسسات القرار ومن المظاهرات إلى المحافل الدولية الزبيدي لم يخلق ليبقى في الشعارات بل ليُترجمها إلى اعتراف دولي ومكاسب سياسية ملموسة واليوم الجنوب يحضر في نيويورك وواشنطن والرياض وأبوظبي بفضل هذا الرجل لا بفضل منظري المقالات الذين لا يجيدون سوى إطلاق الاتهامات.


إن كل من يحاول التقليل من تصريحات الزبيدي يعلم في قرارة نفسه أن الجنوب اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق هدفه لأن قيادته تتعامل مع الواقع بذكاء وتعرف متى تصمت ومتى تتكلم ومتى تبادر ومتى تناور هذه هي السياسة التي تصنع الدول لا الخطابات الفارغة ولا المقالات التي تبيع الوهم للناس فابن الزبيدي لم يتراجع بل تقدم خطوة نحو المستقبل ومن يراه متنازلاً فلأنه يقيس السياسة بمقاييس الانفعال لا بمقاييس الدولة فالتاريخ لا يصنع بالصوت العالي بل بالعقل الهادئ الذي يعرف متى يتحرك ومتى يترك الآخرين يغرقون في ضجيجهم الجنوب اليوم في موقع القوة لأن قيادته تعرف أن الصبر ليس ضعفاً وأن الواقعية ليست تنازلاً وأن من يجلس في نيويورك ليخاطب العالم أقوى ممن يكتب من وراء الشاشات ليهاجم من صنع الحضور والهيبة.


في النهاية يمكن القول إن تلك الزوبعات الإعلامية مجرد محاولة فاشلة لخلق ضباب إعلامي حول وضوح الزبيدي وثباته وهي لا تعبّر عن قراءة تحليلية بقدر ما تعبّر عن أمنية سياسية لمن يتمنون سقوط الرجل لأنه أصبح عقدتهم الكبرى فمنذ سنوات وهم ينتظرون لحظة الارتباك فلم يجدوها فاخترعوا منها مقالاً أما الجنوب فماضٍ في طريقه بثقة لأن مشروعه اليوم لا يدار من الهتافات بل من موقع القرار الدولي حيث يجلس الزبيدي ممثلاً لإرادة شعب لا يمكن تشويهها بمقال ولا تشكيكها بتحليل.

فيديو