الثورات هي الملهم للأجيال القادمة في بناء مستقبلها، وثورتنا الأكتوبرية هي الزاد الذي نستمد منه ملامح استقلالنا الثاني.

دراسات وتحليلات - منذ 3 ساعات

عين الجنوب||خاص


إن أي ثورة في العالم لن تكون مجرد انقلاب على حاكم مستبد، أو غلبة متغلب ناقم على وضعٍ معين، فالثورة هي إلهام، هي تغيير في حياة الناس، هي تاريخ تستمد منه الشعوب قوتها، وهي منهج حياة، ودروس وعِبر تستلهمها الشعوب من سيرة الآباء والأجداد.

إنها نظرة إلى الماضي تمنحنا الثقة للسير بأمان نحو المستقبل. فالثورات لا تصدأ، بل يتجدد بريقها مع كل حدث يربطنا أو يذكرنا بالماضي. إنها ليست مجرد تاريخٍ يحفظه الأطفال في المدارس، بل حدثٌ يتجدد ليرسم ملامح المستقبل للأجيال.

وها هي ثورة الرابع عشر من أكتوبر، بذكراها الثانية والستين، ترسم لنا ملامح بطولة الأجداد عندما لم ترُق لهم حياة الاستبداد، ولم يرغبوا أن يكونوا أتباعًا لمستعمرٍ أجنبي لا يرقب في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذمّة.

مستعمرٌ رأى أن مصالحه لا تتحقق إلا بسحق الشعوب وسلب إرادتها، والاستيلاء على ثرواتها ونهب مواردها، واستعباد أهلها بسياسةٍ استعماريةٍ مقيتة، تُفرّق المجتمع، وتمزّق نسيجه، وتجعل أعزّ أهله أذلّة، وتشتري الولاء بالمال، ظانًّا أن هذه السياسة الاستعمارية سيطول عمرها أو يدوم بقاؤها أو تحقق مآربها.

لكن هيهات هيهات! فالمستعمر في نظر الجميع مستعمر، وموالاته خيانة، والرضا به جبن.
فكانت الثورة الأكتوبرية التي انطلقت شرارتها في الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م، الثورة التي قالت للمستعمر "لا"، مهما كان جبروته، وعظمة آلته العسكرية، واتساع رقعة مستعمراته، أو بريق نفوذه وعنفوان قوته.

فالشعوب الحرة لا يقهرها الطغاة، ولا يفلّ من عزائمها المستبدون، لأنها تستمد قوتها من قانون الحياة الدائم:
الظلم لا يدوم، والحق منتصر مهما طال الزمن وتقادم عهد الظلام.

فلابدّ لليل أن ينجلي، ولابدّ للقيد أن ينكسر.

تلك هي تفاصيل ثورة الرابع عشر من أكتوبر، التي يستمد منها شعب الجنوب قوته، ويستلهم منها معطيات حياته، ومنها يستمد العِبر والدروس، لأن الشعوب مهما طال عليها ظلام المستبد وظلمه، فلا بدّ أن يشرق فجرٌ مضيءٌ تستنير به حياتها المستقبلية، وترسم به ملامح مستقبل أجيالها القادمة.

ذلك هو نور الثورة الأكتوبرية التي نحتفل هذه الأيام بذكراها الثانية والستين، والتي نستلهم منها ملامح استقلالنا الثاني بعودة دولة الجنوب كاملة السيادة على أرضها وترابها الطاهر.

فيديو