الدلالات العميقة لزيارة الرئيس القائد إلى روسيا: تجديد لعلاقة الماضي بالحاضر

السياسة - منذ 3 ساعات

عين الجنوب | خاص  

لم تكن زيارة الأخ الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي إلى روسيا حدثًا عابرًا يمكن تجاوزه، بل تُعد حدثًا بارزًا ومهمًا في تاريخ العلاقة بين دولة الجنوب وجمهورية روسيا الاتحادية، حيث تحمل دلالات ومعاني عميقة.

فالعلاقة بين البلدين كانت قوية ومُتينة، إذ كانت الجنوب قطعة من روسيا، ولا غرابة في ذلك، فلم تكن هذه العلاقة نُكرة بين الدول، بل كانت طبيعة المرحلة امتدادًا للنفوذ الاشتراكي والمدّ الثوري والقومي السائد في تلك الفترة. ومن خلال ذلك، تمكنت الدولة الجنوبية من الحصول على دعم وحماية من روسيا ضد أي اعتداء أو تهديد من أي طرف كان في تلك الحقبة.

ولم تكتفِ روسيا ـ أو ما كانت تُعرف آنذاك بالاتحاد السوفيتي ـ بحماية دولة الجنوب فحسب، بل زوّدتها بأسلحة حديثة، منها طائرات سوفيتية حديثة الصنع، كما عملت على تأهيل طيارين جنوبيين في روسيا ليعتمد الجنوبيون على أنفسهم في حماية وطنهم.
إضافة إلى ذلك، قدمت روسيا أنظمة دفاع جوي وصواريخ بعيدة المدى، ودبابات ومدافع ومضادات للطائرات وزوارق بحرية ساهمت في الدفاع عن دولة الجنوب برًّا وبحرًا وجوًّا، وجعلت من الجنوب قوة لا يُستهان بها.

كما شمل الدعم الروسي آنذاك إرسال بعثات دراسية في مختلف المجالات العسكرية والمدنية، ما جعل الجنوبيين يمتلكون مؤسسة عسكرية قوية ذادت عن حياض الوطن الجنوبي زمنًا ليس بالقصير، لما يقارب ثلاثة عقود.

ولم يقتصر الدعم الروسي على الجانب العسكري فقط، بل شمل أيضًا الجوانب المدنية، مثل بناء المستشفيات، كمستشفى الصداقة السوفيتية الذي ما زال يؤدي دوره إلى اليوم، إضافة إلى الأطباء والخبراء الروس الذين ساهموا في تحقيق تقدم ملحوظ في حياة المواطن الجنوبي.

وللتأكيد، فإن زيارة الأخ الرئيس القائد إلى روسيا لم تقتصر على استعراض العلاقات السابقة بين دولة الجنوب وروسيا، بل تحمل دلالات هامة ومتنوعة، منها:

تعزيز العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين الصديقين التي امتدت لعقود، وتُعد الزيارة إحياءً لتلك العلاقات التاريخية بين الجنوب وروسيا، التي كانت تعتبر عدن محطة محورية في السياسة السوفيتية بالمنطقة.

الاعتراف الروسي بالمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وحيد للقضية الجنوبية، وإقرار جمهورية روسيا بحق الجنوب في دولته الفيدرالية المستقلة، حيث تعكس الزيارة اعترافًا روسيًا متزايدًا بالمجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية وعسكرية مؤثرة على الأرض، خصوصًا في ظل وضوح مواقف المجلس من قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.

ومن خلال دور دولة الجنوب في تأمين الممرات الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، شدد الرئيس الزُبيدي على أهمية خفض التصعيد ووقف حدة التوتر كأساس لأي نوايا سلام حقيقية، مؤكدًا أن حماية الجنوب تمثل أولوية للمجلس الانتقالي الجنوبي.

كما تأتي الزيارة في إطار سياسة خارجية متوازنة يتبناها المجلس الانتقالي، ترتكز على تنويع الشراكات الدولية وعدم الارتهان لمحورية القرار أحادي الجانب، حيث عانت دول العالم من كوارث سياسية بسبب القطبية الواحدة.
وتحمل الزيارة أيضًا دعوة لروسيا لتتحمل دورها في تحقيق التوازن القطبي، انطلاقًا من موقعها الهام بين دول العالم ومكانتها التاريخية التي أهلتها سابقًا لقيادة العالم لعقود ساد فيها السلام والأمن الدوليان.

كما بحث الجانبان آفاق التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والإنسانية، مع التأكيد على أهمية توسيع مجالات التعاون بين البلدين.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حرص بلاده على دعم جهود إحلال السلام في اليمن والمنطقة، وتعزيز الأمن والاستقرار اللذين يتعرضان لتهديد مستمر من قبل جماعة الحوثي الإرهابية.

لقد أعادت الزيارة صياغة حضور الجنوب في المشهد الدولي، مؤكدة أن قضية الجنوب لم تعد حبيسة الجغرافيا أو رهينة الصراعات المحلية،بل أصبحت ملفًا حاضرًا في أجندة العواصم الكبرى، ومنها روسيا، التي لن تألو جهدًا في دعم دولة الجنوب حتى تستعيد مكانتها السياسية والاقتصادية بين دول العالم التوّاقة للحرية والمحبة للسلام.

فيديو