واقع الجبايات في المناطق الخاضعة للحوثي.. والادعاءات المضللة عنها"

السياسة - منذ 1 ساعة

عين الجنوب| خاص   

يتصاعد الحديث في الساحة الإعلامية عن تباينات معيشية ومالية بين مناطق الشمال التي تسيطر عليها جماعة الحوثي ومناطق الجنوب، حيث يروج إعلام الحوثي وإعلام جماعات إخوانية متحالفة سرديات تضخم فيها مشكلات الجنوب وتُصوّرها وكأنها نتاج أزمة منظّمة تمسّ الأمن القومي والاقتصاد الوطني. المتابع لمسارات هذا الخطاب يلاحظ أن أي حدث طبيعي أو جنحة بسيطة في الجنوب — من حوادث مرورية أو سرقات إلى شكاوى إدارية — يُعرض لدىهم كقصة كبرى تُستخدم لإثارة الرأي العام وتشويه صورة الجنوب، بينما يتجاهلون أو يتعامون عن أنماطاً أوسع من الجبايات والرسوم والابتزاز التي تمارس فعلياً في مناطق سيطرتهم.

حقائق ميدانية تكشف أن منظومة الجبايات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين واسعة ومتغلغلة، إذ تختصرها مصادر السكان المحليين بأنواع متعددة من الضرائب والرسوم المفروضة على أصغر النشاطات الاقتصادية وأبسط الخدمات. هذه الجبايات تشمل رسوماً على مزارعي وتجار القات، ورسومًا على محطات الوقود والموزعين، وجمارك وضرائب على السلع المستوردة، وفرض رسوم على ملاك الأراضي والخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه. وتمتد التحصيلات لتشمل المكاتب العقارية، وأسواق بيع المواشي، ومزارع الحبوب والدواجن، وأكشاك البيع في الشوارع، ومغاسل الثياب، ووسائل النقل من باصات وسيارات أجرة، بل وحتى مبالغ تُطلب عند غياب مشاركة أبنائهم في القتال.

هذا الامتداد الواسع للجبايات والابتزاز لا يقتصر على فرض رسوم نظامية فقط، بل يتخذ في كثير من الأحيان شكلًا قسريًا يقوّض قدرة المواطنين على الاستمرار في أنشطتهم الاقتصادية اليومية، ما يزيد من الضغوط المعيشية ويدفع أعداداً كبيرة للنزوح الداخلي أو البحث عن فرص رزق في مناطق أخرى، خاصة الجنوب. وفي المقابل، يبرز تفاوت في الخطاب الإعلامي؛ ففي حين يوجّه إعلام الحوثي والإخوان سهام التشهير نحو الجنوب ويتهمه بعدم انتظام دفع الضرائب أو بتوليد أزمات اقتصادية، فإن الواقع في مناطق سيطرتهم يظهر نمطًا من الجبايات المتشعبة التي تثقل كاهل السكان دون تقديم خدمات عامة أو رواتب منتظمة.

هذا التناقض بين الخطاب والواقع يفاقم حالة الاستقطاب الإعلامي والسياسي، ويغذّي موجات من التضليل التي تسعى إلى تبييض ممارسات الهيمنة الاقتصادية في الشمال وتبرئة الساحة الجنوبية من مسؤولياتها، أو على الأقل تصويرها بصورة أسوأ ممّا هي عليه. وفي ضوء هذه المعطيات، تبدو الاتهامات الموجهة للجنوب بأنها معفاة من الجبايات أو أنها سبب للمشكلات الاقتصادية مبالغا فيها أو ملفقة في كثير من الحالات، بينما الدلائل الميدانية تؤكد وجود قطاع جبائي واسع ومنظم في المناطق الخاضعة للحوثيين يساهم بشكل مباشر في تدهور الظروف المعيشية للسكان. النهاية تذكر بقوله المأثور: الكذب حبله قصير، إذ أن التلاعب بالحقائق الإعلامية بات مكشوفًا لدى جزء من الجمهور الذي يواجه أثر هذه السياسات على أرض الواقع.

فيديو