تنظيم الإخوان المسلمين مشروع الهيمنة باسم الدين وسقوط شعارات الإصلاح الزائفة....

تقارير - منذ 3 ساعات

عين الجنوب | خاص     

تنظيم الإخوان المسلمين يعد من أبرز الحركات التي رفعت شعارات الإصلاح والعدالة والمساواة منذ تأسيسه غير أن التجارب التي عاشتها الدول العربية أظهرت بوضوح التناقض العميق بين الخطاب الذي يعلنه التنظيم والممارسات التي يقوم بها على أرض الواقع فقد قدّم نفسه على أنه حركة دعوية سلمية تهدف إلى محاربة الفساد وبناء مجتمع تسوده القيم الإسلامية والنهضة الشاملة بينما كشفت الوقائع أنه تنظيم يسعى إلى السيطرة على مفاصل الدولة وتسييس الدين وتحويله إلى وسيلة للوصول إلى السلطة لا إلى وسيلة لبناء الإنسان والمجتمع

ازدواجية الخطاب والممارسة لدى الإخوان أصبحت سمة بارزة في تجربتهم السياسية فهم يتحدثون عن الديمقراطية لكنهم داخل تنظيمهم يمارسون أشد أنواع التسلط ويطالبون بالطاعة العمياء للقيادة ويقصون كل من يخالفهم الرأي ويعتبرون الولاء للتنظيم فوق الولاء للوطن كما أنهم يستغلون الشعارات الدينية لجذب العامة وإيهامهم بأنهم حماة الدين والمدافعون عن قيم الإصلاح في حين أنهم يعملون على إضعاف مؤسسات الدولة وإحداث الانقسامات داخل المجتمع حتى يسهل عليهم التغلغل في أجهزته والسيطرة على قراره السياسي والاقتصادي

لقد بنى الإخوان مشروعهم على فكرة استغلال الدين في السياسة فكان الخطاب الديني لديهم أداة للتحريض والتهييج لا وسيلة للتقريب والإصلاح إذ اعتمدوا سياسة صناعة المظلومية الدائمة لتبرير فشلهم وانقلابهم على الأنظمة القائمة مدعين أنهم ضحايا القمع بينما كانوا في الواقع يسعون لإسقاط الدول من الداخل واستبدالها بنظام يخدم مصالحهم ويكرس وجودهم في السلطة وتاريخهم في مصر وليبيا والسودان واليمن شاهد على ذلك حيث تحولت شعارات النهضة والإصلاح إلى غطاء لمشاريع فوضوية عطلت التنمية وأشعلت الصراعات وأضعفت الدولة الوطنية

في اليمن شكل حزب التجمع اليمني للإصلاح الذراع السياسي لتنظيم الإخوان أبرز مثال على هذا التناقض فقد أعلن الحزب أنه جزء من الشرعية وأنه يقف في صف التحالف العربي لكنه في الميدان ساهم بسياساته المزدوجة في تمكين ميليشيا الحوثي من السيطرة على المحافظات الشمالية عبر إضعاف الجبهات وتفكيك الصف الجمهوري كما مارس الحزب في المحافظات المحررة سياسات تهدف إلى نشر الفوضى وخلق الأزمات مستغلاً نفوذه في بعض مفاصل الحكومة والجيش لتقويض الأمن والاستقرار خدمة لأجندة التنظيم الدولي الذي يقوم على إدارة الأزمات واستنزاف الدول لا إنقاذها

تلك السياسات أدت إلى نتائج كارثية على الدولة والمجتمع فقد أسهمت في إضعاف الشرعية واستنزاف الموارد وتكريس الانقسام الاجتماعي وأدت إلى تدهور الاقتصاد وعرقلة جهود التنمية وإطالة أمد الحرب والمعاناة الإنسانية كما كشفت التحالفات المتقلبة التي عقدها الحزب سواء مع الحوثيين أو مع قوى أخرى عن ارتباطه بمشروعات تتجاوز حدود اليمن هدفها الهيمنة على القرار الوطني وجعله رهينة لمصالح خارجية وتنظيمية

تجربة الإخوان في اليمن لا تختلف عن تجربتهم في دول أخرى مثل مصر وليبيا والسودان حيثما وجدوا كان الانقسام والتخريب وكانت الدولة تتراجع أمام نفوذهم وشعاراتهم الزائفة التي تتحدث عن الحرية والإصلاح بينما تمارس الاستبداد والإقصاء فالإخوان لا يرون في الدولة إلا وسيلة للتمكين والسيطرة ولا في الدين إلا أداة لتعبئة الجماهير وتبرير الهيمنة

إن سقوط الأقنعة عن تنظيم الإخوان المسلمين لم يعد مسألة رأي أو اجتهاد بل أصبح حقيقة تؤكدها الوقائع اليومية في بلدان عدة دفعت ثمناً باهظاً لتناقض شعارات هذا التنظيم مع أفعاله فحيثما وصل إلى السلطة أو اقترب منها عمّ الخراب وتأزمت الأوضاع وتراجعت قيم الوطنية والمؤسسات وانقسم المجتمع على ذاته تحت غطاء ديني وشعارات براقة تخفي مشروعاً يقوم على الوصاية والهيمنة باسم الدين لا على الإصلاح والبناء باسم الوطن.

فيديو