عودة حضرموت إلى الحضن الجنوب نهاية الوصاية اليمنية وأولى بشائر الدولة الجنوبية

تقارير - منذ ساعتان

عين الجنوب| خاص:

مثل عودة حضرموت إلى موقعها الطبيعي في الجغرافيا والهوية الجنوبية لحظة تاريخية فارقة، ليس فقط لأبناء حضرموت، بل لكل أبناء الجنوب الذين يرون في هذه العودة نهاية فعلية لمرحلة طويلة من الوصاية والتهميش، وبداية مسار وطني جديد تتشكل ملامحه بثقة وإرادة محلية خالصة. فحضرموت، بثقلها السكاني والجغرافي والاقتصادي، ظلت على الدوام قلب الجنوب النابض، ومحاولة عزلها أو إخضاعها لإدارات مفروضة من خارج إرادة أبنائها لم تكن سوى استثناء قسري فرضته ظروف سياسية معقدة.
لقد كشفت التطورات الأخيرة أن حضرموت حين تُدار بإرادة أبنائها، تستعيد استقرارها بسرعة لافتة، وتعيد ترتيب أولوياتها بما يخدم الأمن والتنمية والخدمات. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاج وعي حضرمي متراكم، وتجربة مريرة مع الوصاية التي حرمت المحافظة من استثمار مواردها، وحوّلتها إلى ساحة صراع نفوذ بدل أن تكون رافعة للاقتصاد والاستقرار.
إن نهاية الوصاية في حضرموت تعني، في جوهرها، كسر الحلقة التي قيّدت القرار المحلي لعقود. فاليوم بات الصوت الحضرمي حاضراً في صياغة المشهد، وباتت المطالب واضحة: إدارة محلية قوية، أمن مستدام، وتنمية حقيقية تعود آثارها على المواطن. وهذا ما ينسجم تماماً مع المشروع الجنوبي العام الذي يضع الإنسان في صدارة أولوياته، ويؤمن بأن الاستقرار لا يُفرض من الخارج، بل يُبنى من الداخل.
عودة حضرموت إلى الحضن الجنوبي لا تُختزل في بعدها السياسي فقط، بل تحمل دلالة هوياتية عميقة. فحضرموت كانت وستظل جزءاً أصيلاً من الجنوب، بتاريخها وثقافتها ونضالات أبنائها. ومحاولات فصلها عن محيطها الجنوبي لم تنجح يوماً في تغيير هذه الحقيقة، بل زادت من قناعة الشارع الحضرمي بأن مستقبله الآمن والمستقر لا يمكن أن يتحقق إلا ضمن إطار جنوبي جامع يحترم الخصوصيات ويصون الشراكة.
وفي هذا السياق، تبرز هذه المرحلة كبشارة أولى لقيام الدولة الجنوبية المنشودة. فحين تستعيد المحافظات الجنوبية قرارها، وتدار بسلطات محلية نابعة من الإرادة الشعبية، تتشكل اللبنات الأولى للدولة: أمن فاعل، إدارة رشيدة، وشراكة مجتمعية واسعة. وما يجري في حضرموت اليوم يُعد نموذجاً يمكن البناء عليه في بقية محافظات الجنوب، لإثبات أن مشروع الدولة الجنوبية ليس شعاراً سياسياً، بل مسار عملي قابل للتحقق.
كما أن هذا التحول يبعث برسالة واضحة إلى الإقليم والعالم، مفادها أن الجنوب يمتلك القدرة على إدارة شؤونه بنفسه، وأن حضرموت المستقرة والآمنة تمثل عامل توازن لا مصدر قلق. فالمجتمع الدولي الذي يبحث عن الاستقرار ومحاربة الفوضى، لن يجد نموذجاً أفضل من محافظة تُدار بإرادة أبنائها، وتحظى بتوافق مجتمعي واسع، ضمن مشروع وطني واضح المعالم.
إن عودة حضرموت إلى الحضن الجنوبي هي إعلان عملي عن نهاية زمن الوصاية، وبداية زمن الشراكة والمسؤولية. وهي خطوة متقدمة على طريق استعادة الدولة الجنوبية، التي لم تعد حلماً مؤجلاً، بل واقعاً يتشكل على الأرض، محافظة بعد أخرى، وإرادة بعد أخرى، حتى اكتمل المشروع وبقي اعلان استعاده الدولة التي ينشدها أبناء الجنوب كافة، وفي مقدمتهم أبناء حضرموت.

فيديو