الجنوب في مرمى “الحماية المزعومة”: حين تُستدعى النار بدلًا من مواجهة الحوثي

تقارير - منذ 1 ساعة

عين الجنوب|| خاص:
في مفارقة سياسية وأمنية لافتة، تتصاعد الاتهامات الموجّهة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بالوقوف خلف تحركات وضغوط هدفت إلى استنفار التحالف العربي لضرب القوات الجنوبية، تحت شعار وُصف بالملتبس والمثير للسخرية في آن واحد، وهو “دعوة التحالف لحماية المدنيين”. هذا الشعار، وفق مراقبين، يفتقر إلى الحد الأدنى من المنطق، لا سيما وأن حضرموت ظلت محافظة آمنة ومؤمّنة بأبنائها وقواتها، ولم تشهد حالة فوضى تبرر هذا الاستدعاء العسكري أو التدخل الخارجي.
ويرى محللون أن استخدام لافتة “حماية المدنيين” لتبرير استهداف قوات محلية تنتمي إلى الأرض وتعمل على حمايتها، يكشف تناقضًا صارخًا في الخطاب والممارسة. فالدخيل، الذي لم ينجح في تقديم نموذج أمني أو خدمي، يسعى – بحسب هذه القراءة – إلى إخراج أبناء البلد من أرضهم، في مشهد يعكس انقلابًا كاملاً على المفاهيم الوطنية والسيادية، ويحوّل الحماية إلى ذريعة، والسيادة إلى تهمة.
وفي الوقت الذي يجري فيه هذا الاستنفار ضد الجنوب، يواصل الحوثي تثبيت أقدامه وتوسيع نفوذه دون أن يواجه ضغطًا مكافئًا، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول ترتيب الأولويات، وحول حقيقة العدو الذي يُفترض أن تُوجَّه إليه الجهود العسكرية والسياسية. هذا التجاهل لا يُقرأ إلا باعتباره خللًا عميقًا في بوصلة المواجهة، أو خيارًا مقصودًا لإبقاء الصراع بعيدًا عن جوهره الحقيقي.
مصادر سياسية وإعلامية جنوبية تؤكد أن ما يجري ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من مسار يستهدف كبح المشروع الجنوبي الذي تمكّن، خلال سنوات قليلة، من بناء مؤسسات أمنية وعسكرية فاعلة، وفرض الاستقرار في مناطق واسعة، ومحاربة الإرهاب، وتأمين الممرات الحيوية. وبدلًا من توظيف هذا النجاح في إطار معركة شاملة ضد الحوثي، يتم توجيه الضربات نحو الجنوب، في مفارقة لا تخدم سوى خصوم الاستقرار.
هذا المسار، كما يحذّر مراقبون، لا يهدد الجنوب فحسب، بل يضع التحالف نفسه في موقع حرج، إذ يظهر وكأنه يُستدرج إلى صراعات جانبية تُدار تحت عناوين إنسانية، بينما نتائجها سياسية بامتياز. كما يمنح الحوثي فرصة ثمينة لإعادة ترتيب صفوفه، مستفيدًا من انشغال خصومه بمعارك داخلية تستنزف الطاقات وتشوّش المشهد.
ورغم كل ذلك، يؤكد الجنوبيون أن الجنوب ثابت على الأرض، متماسك بإرادة أبنائه، ولن يتزحزح مهما تعددت التحديات أو تغيّرت الأساليب. فالمؤامرات، مهما تعقّدت، لا تستطيع كسر واقع تشكّل بالفعل، ولا إلغاء تطلعات شعب حسم خياره. ومع تصاعد الوعي السياسي وترسّخ الحضور المؤسسي، يقترب الجنوب، وفق هذه الرؤية، من لحظة مفصلية سيُعلن فيها استقلال دولته، وعاصمتها عدن، بوصف ذلك استحقاقًا سياسيًا نابعًا من الواقع، لا شعارًا عابرًا.

فيديو