قذائف على الجبهة الصادقة… وصمت على مخازن الحوثي

تقارير - منذ 1 ساعة

خاص|| عين الجنوب:
في لحظة فارقة من مسار الصراع، يعود المشهد ليفرض أسئلته القاسية على الوعي العام: لماذا تُستهدف القوات الجنوبية التي واجهت الحوثي في الميدان، بينما تُغضّ الطرف عن جهات ثبت تورطها في نهب أموال التحالف، والتفريط بالأسلحة، وانتهى بها المطاف في مخازن مليشيات الحوثي؟ سؤال يتكرر بقوة كلما سقطت قذيفة على مواقع جنوبية، وكلما صمتت دوائر القرار عن محاسبة المتسببين في الاختراقات الكبرى.
القوات الجنوبية لم تكن يومًا طرفًا هامشيًا في المعركة، بل شكّلت في مراحل حاسمة خط الدفاع الأول، وحاجزًا صلبًا أمام تمدد المشروع الحوثي جنوبًا. ومع ذلك، تتعرض هذه القوات للاستهداف في توقيتات حساسة، ما يفتح الباب أمام قراءة سياسية تتجاوز التبريرات العسكرية، وتلامس حسابات المصالح، وتوازنات النفوذ، ومحاولات إرضاء أطراف فقدت شرعيتها الميدانية والأخلاقية.
مصادر ومراقبون يؤكدون أن جزءًا كبيرًا من أموال التحالف التي خُصصت لدعم الجبهات، وتثبيت الاستقرار، تبخر في مسارات فساد معروفة، وأن أسلحة ثقيلة ومتوسطة سُلّمت لجهات لم تصمد في الميدان، أو اختارت الانسحاب المشبوه، لتنتهي تلك الأسلحة في يد الحوثي، في واحدة من أخطر عمليات التفريط التي شهدتها الحرب. ورغم جسامة هذه الوقائع، لم تُفتح ملفات جادة، ولم تُسمَّ الأشياء بأسمائها.
المفارقة المؤلمة أن من قدّم الدم والتضحيات يُستهدف، ومن أدار ظهره للمعركة، أو تلاعب بمقدراتها، يُترك خارج دائرة المساءلة. هذا الخلل لا يمكن تفسيره إلا بوجود شبكة مصالح تسعى لإعادة تدوير القوى الفاشلة، وحمايتها سياسيًا وإعلاميًا، حتى لو كان الثمن إضعاف القوى الفاعلة، وتشويه صورتها، وخلخلة جبهتها الداخلية.
إن استهداف القوات الجنوبية لا يبعث برسائل خاطئة للجنوبيين فحسب، بل يقدّم للحوثي خدمة مجانية، ويمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه، وإعادة ترتيب صفوفه، مستفيدًا من التناقضات داخل المعسكر المناهض له. فالحروب لا تُخاض بالقوة العسكرية وحدها، بل بوحدة الهدف، ووضوح العدو، وعدالة المعايير.
أمام هذا الواقع، تتصاعد الدعوات لفتح تحقيق شفاف وشامل في ملفات نهب أموال التحالف، ومصير الأسلحة التي سُلّمت ثم فُقدت، وتحديد المسؤوليات دون انتقائية أو تمييز. فالمعركة ضد الحوثي لا يمكن أن تُكسب بسياسات الكيل بمكيالين، ولا باستهداف من صمدوا، والتغاضي عن من خانوا.
إن تصحيح المسار بات ضرورة ملحّة، ليس فقط حفاظًا على تماسك الجبهة، بل احترامًا لتضحيات المقاتلين، وصونًا لثقة الشارع، ومنعًا لتحويل الصراع إلى ساحة تصفية حسابات تخدم العدو قبل أي طرف آخر. فالتاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى من دافع عنها، ولا من تاجر بدمها.

فيديو