السعودية تخسر الشمال والجنوب معًا بعد تدخلاتها وضرب الموانئ الجنوبية

السياسة - منذ 1 ساعة

عين الجنوب|| خاص:
لم تعد صورة الدور السعودي في الشمال والجنوب كما كانت في بدايات التدخل، فمع مرور السنوات وتعاقب الأحداث، بات واضحًا أن السياسات المتبعة أفضت إلى خسارة متراكمة على مستويين: الشمال والجنوب معًا. هذه الخسارة لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة لقرارات مربكة، وتدخلات متناقضة، وأفعال تجاوزت الخطوط الحمراء، كان أخطرها استهداف الموانئ الجنوبية ذات الطابع المدني.
في الشمال، فشلت السعودية في تحقيق أهدافها المعلنة، لا عسكريًا ولا سياسيًا. الحوثي تمدد، وترسخ كقوة أمر واقع، فيما تآكلت الشرعية التي راهنت عليها الرياض، وتفككت قواها، وتحولت إلى عبء سياسي وعسكري. الشمال اليوم خارج السيطرة، وخارج التأثير الحقيقي، وهو ما يمثل إخفاقًا استراتيجيًا لا يمكن إنكاره.
أما في الجنوب، فإن الضربات التي طالت الموانئ والمنشآت الحيوية، والتي تمثل شريان حياة اقتصادي ومعيشي لملايين المدنيين، أحدثت شرخًا عميقًا في العلاقة مع الشارع الجنوبي. فالموانئ ليست أهدافًا عسكرية، بل مرافق مدنية محمية بالقانون الدولي الإنساني، واستهدافها لا يُقرأ إلا كعقاب جماعي يطال المواطن والتاجر والعامل قبل أي طرف سياسي.
الجنوبيون، الذين نظر كثير منهم إلى السعودية في مرحلة ما كحليف أو شريك، وجدوا أنفسهم أمام ممارسات تتناقض مع هذا التصور. تعطيل الاقتصاد، خنق الموارد، وزيادة معاناة الناس، كلها عوامل راكمت الغضب الشعبي ووسّعت فجوة الثقة، حتى بات الشعور السائد أن الجنوب يُدار كمساحة ضغط لا كشريك محترم.
بهذه السياسات، خسرت السعودية الشمال الذي لم تحسم معه المعركة، وخسرت الجنوب الذي كان يمكن أن يشكل رصيدًا استراتيجيًا مهمًا لو أُحسن التعامل معه. فالقوة وحدها لا تصنع نفوذًا دائمًا، والضربات العسكرية لا تبني علاقات، بل تخلّف ذاكرة مثقلة بالألم وعدم الثقة.
إن ما يحدث اليوم يفرض مراجعة جادة، لأن استمرار النهج ذاته لن يفضي إلا إلى مزيد من العزلة السياسية، وتآكل الدور الإقليمي، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى حلول عقلانية تحترم إرادة الشعوب وحقوقها، لا إلى سياسات تزيد الانقسام وتعمّق الخسائر.

فيديو