قصف الموانئ المدنية… جريمة مكتملة الأركان بحق حضرموت

تقارير - منذ 3 ساعات

عين الجنوب|| خاص:
ما جرى في حضرموت لم يعد مجرد “حادثة عابرة” يمكن تبريرها بذرائع أمنية أو مبررات واهية، بل هو اعتداء رسمي وصريح على أرض جنوبية ومنشأة مدنية خالصة، يفترض أن تكون محمية بالقانون الدولي الإنساني وبالأعراف الدولية التي تحرم استهداف البنية التحتية المدنية تحت أي ظرف.
قصف ميناء حضرموت المدني يمثل انتهاكًا فاضحًا لكل المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تمنح المنشآت المدنية – وخصوصًا الموانئ – حماية قانونية مشددة، باعتبارها شرايين حياة اقتصادية ومعيشية لملايين المدنيين. فالميناء ليس ثكنة عسكرية، ولا منصة قتال، بل منفذ رزق للتجار، ومصدر تموين للمواطنين، ورافعة اقتصادية لمدينة ومحافظة بأكملها.
إن استهداف ميناء مدني يعني عمليًا ضرب مصالح المدنيين بشكل مباشر، وتهديد الأمن الغذائي والاقتصادي، وتعطيل حركة التجارة، وفتح أبواب المعاناة على مصراعيها أمام المواطنين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون على أرض تحولت – بفعل هذه السياسات – إلى ساحة انتهاك مباح.
الأخطر من ذلك أن هذا الاعتداء يأتي في سياق سياسي وأمني متشابك، تحاول فيه بعض الأطراف فرض الوصاية بالقوة، أو استخدام الضغط العسكري لتحقيق مكاسب سياسية، في تجاهل تام لحقوق الشعوب، وسيادة الأراضي، وكرامة الإنسان. فحضرموت ليست ساحة مستباحة، وموانئ الجنوب ليست أهدافًا مشروعة لأي طرف، مهما حاول تغليف أفعاله بعناوين زائفة.
إن الصمت على مثل هذه الاعتداءات لا يعني إلا تشجيع تكرارها، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية. فحين تُقصف الموانئ المدنية، وتُشل حركة الحياة، وتُضرب مصادر رزق الناس، فإننا لا نكون أمام “خطأ عسكري”، بل أمام جريمة تستوجب الإدانة والمساءلة.
حضرموت، بتاريخها ومكانتها وأهميتها الاقتصادية، لن تقبل أن تُستهدف بنيتها المدنية أو يُعبث بمقدراتها تحت أي ذريعة. والجنوب، الذي عانى طويلًا من الحروب والنهب والاستباحة، يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن حماية أرضه ومنشآته وحقوق شعبه ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية لا تقبل التنازل.

فيديو