العليمي وانفرادية القرار في مجلس القيادة الرئاسي… أزمة إدارة أم اختلال شراكة؟

تقارير - منذ ساعتان

عين الجنوب ||خاص  

منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي كإطار توافقي لإدارة المرحلة الانتقالية، عُلّقت عليه آمال واسعة بوصفه نموذجًا للشراكة الوطنية وصناعة القرار الجماعي، بعيدًا عن الفردية التي أرهقت البلد سياسيًا وأدخلته في دوامات متتالية من الفشل. غير أن الوقائع المتراكمة خلال الأشهر الماضية تشير إلى مسار مقلق، عنوانه الأبرز: انفراد رئيس المجلس رشاد العليمي بالقرار، وتهميش بقية الأعضاء.
في الأصل، أُنشئ مجلس القيادة ليكون كيانًا تشاركيًا، تتوزع فيه الصلاحيات والمسؤوليات، وتُدار فيه الملفات الحساسة عبر التوافق لا عبر الإملاء. لكن الممارسة على الأرض بدت مختلفة؛ إذ تصاعدت شكاوى غير معلنة – وأحيانًا مسربة – عن قرارات مصيرية تُتخذ دون مشاورات حقيقية، سواء في التعيينات، أو في إدارة الملفات الاقتصادية والأمنية، أو في التعاطي مع القضايا السياسية الكبرى، وفي مقدمتها الجنوب وحقوقه وقواته.
هذا النهج الانفرادي لا يقتصر أثره على الشكل الإداري فحسب، بل يضرب جوهر الفكرة التي قام عليها المجلس. فحين يشعر أعضاء مجلس القيادة بأن دورهم شكلي، وأن قراراتهم محكومة بمركز واحد، تتآكل الثقة الداخلية، ويتحول المجلس من منصة شراكة إلى واجهة سياسية لا تعكس توازنات الواقع ولا تطلعات الشارع.
الأخطر من ذلك أن انفرادية القرار تُنتج قرارات منقوصة الشرعية، لأنها لا تعبّر عن توافق وطني حقيقي، ولا تراعي حساسية المرحلة وتعقيداتها. فالملفات الشائكة – كالقضية الجنوبية، والوضع في حضرموت، وإدارة الموارد، والعلاقة مع التحالف – لا يمكن إدارتها بعقلية التفرد، بل تحتاج إلى حوار داخلي صريح، وإشراك فعلي لكل القوى الممثلة داخل المجلس.
في السياق ذاته، يرى مراقبون أن هذا السلوك يعيد إنتاج أخطاء الماضي، حين كان القرار محتكرًا في دائرة ضيقة، ما قاد إلى الانفجار السياسي والعسكري. واليوم، وبينما يُفترض أن يكون مجلس القيادة نموذجًا مغايرًا، تبدو بعض الممارسات وكأنها نسخة محسنة شكليًا من مركزية القرار القديمة، مع اختلاف المسميات فقط.
إن استمرار هذا النهج يضع مجلس القيادة أمام اختبار صعب: إما العودة إلى روحه التأسيسية القائمة على الشراكة والتوافق، أو الانزلاق إلى مزيد من الانقسام الداخلي وفقدان المصداقية أمام الشارع، خصوصًا في الجنوب الذي بات أكثر حساسية تجاه أي قرارات تُتخذ باسمه أو على حسابه دون شراكة حقيقية.
ختامًا، لا تكمن خطورة انفرادية القرار في كونها مخالفة إجرائية فحسب، بل في أنها تهدد ما تبقى من أمل في إدارة جماعية رشيدة للمرحلة، وتفتح الباب أمام أزمات جديدة، في وقت لم يعد فيه البلد يحتمل مزيدًا من الأخطاء القاتلة.

فيديو