تحليل :استهداف الشريك بدل العدو..ما وراء القصف السعودي على الجنوب

دراسات وتحليلات - منذ ساعتان

عين الجنوب|| خاص:
لم يكن دور دولة الإمارات العربية المتحدة في الشمال والجنوب والمنطقة العربية مجرد حضور سياسي أو دعمٍ ظرفي، بل شراكة ميدانية مثبتة بالوقائع في معركتين من أخطر معارك العصر: مكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة الدولية. فالإمارات كانت، ولا تزال، في مقدمة القوى التي واجهت التنظيمات المتطرفة على الأرض، وقدّمت نموذجًا عمليًا في بناء قوات محلية فاعلة، وتأهيلها، وتمكينها من حماية الأرض والإنسان، بعيدًا عن الشعارات والضجيج الإعلامي.
في جبهة مكافحة الإرهاب، لا يمكن إنكار أن الضربات القاصمة التي تلقّتها التنظيمات الإرهابية في عدد من المحافظات الجنوبية جاءت نتيجة عمل استخباراتي دقيق، وتنسيق ميداني محكم، ودعم لوجستي وعسكري نوعي، كان للإمارات فيه دور محوري. هذه النتائج لم تكن ادعاءات سياسية، بل حقائق اعترفت بها تقارير دولية، وأقرتها الوقائع على الأرض، حيث تراجعت قدرة التنظيمات المتطرفة على السيطرة والتمدد، وانحسر خطرها المباشر على المدن والسكان.
أما في ملف تأمين الملاحة الدولية، فقد شكّلت الإمارات جزءًا أساسيًا من منظومة حماية واحد من أهم الممرات البحرية في العالم. فاستقرار خطوط التجارة العالمية، وأمن البحر الأحمر وخليج عدن، لم يكونا يومًا شأنًا محليًا فحسب، بل مسؤولية دولية مشتركة. والإمارات أدّت دورها في هذا السياق باعتبارها دولة تدرك أن أمن المنطقة مترابط، وأن أي انفلات أمني في هذه الممرات ستكون كلفته باهظة على الجميع، قبل أن يكون على دول الجوار.
من هنا، فإن استهداف الإمارات سياسيًا أو إعلاميًا، أو تصويرها كخصم، لا يخدم إلا أعداء الاستقرار. فإضعاف الشركاء الحقيقيين في معركة الإرهاب وتأمين الملاحة لا يؤدي إلى تقوية الجبهة، بل يفتح ثغرات خطيرة تستفيد منها القوى المتطرفة، ويبعث برسائل ارتباك وانقسام في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى تماسك الصف وتوحيد الجهود.
إن الخلافات السياسية – إن وُجدت – يجب أن تُدار بعقلانية ومسؤولية، لا عبر حملات التشويه أو الاستثمار في التحريض. فالتجارب أثبتت أن الجبهات التي تتآكل من الداخل، وتستنزف حلفاءها، تكون أقرب إلى الهزيمة مهما رفعت من شعارات. أما الجبهات التي تحمي شراكاتها، وتبني على النجاحات الميدانية، فهي الأقدر على الصمود وتحقيق أهدافها.
خلاصة القول، إن الإمارات شريك مثبت ميدانيًا لا بالخطاب، واستهدافها لا يقوّي الجبهة ولا يخدم القضية، بل يضعفها ويفتح الباب أمام الفوضى. وفي معارك المصير، لا يُكافأ من قدّم، بل يُستفاد من خبرته ويُحافظ على دوره، لأن الخاسر الوحيد من غير ذلك هو أمن المنطقة واستقرارها.

فيديو