تحليل :حضرموت بين ثرواتها المهدرة وطموحات ابناءها

دراسات وتحليلات - منذ 2 شهر

حضرموت || عين الجنوب|| خاص:

حضرموت التاريخ بين خيارين - البقاء تحت رحمة قوى الاحتلال اليمني أو تحديد المصير مع اخوتها من محافظات الجنوب التي فرضت واقعاً جنوبياً حقيقياً رغم كيد الطامعين من جماعة الحوثي وفكرة النظام الملالي، والإخوان المفلسين.

حضرموت، أكبر محافظة جنوبية، تمثل ومثلت قلب الجنوب سابقاً، ووجهه لمطامع قوى الشمال بسبب مواردها الطبيعية الغنية، خاصة النفط والغاز. 
تاريخياً، كانت حضرموت مركزاً حضارياً وتجارياً له مكانته بين مختلف المحافظات الجنوبية، سواء إبان دولة الجنوب او تحت نظام صنعاء الهالك جعلها ذلك دائماً هدفاً للتنافس السياسي. واليوم، تواجه حضرموت خياراً استراتيجياً، الاستمرار تحت سيطرة حزب الإصلاح اليمني واستغلاله عبر التحكم بمواردها وتقييد مفاصلها وهو ما ترفضه حضرموت ليبقى لها خيارها في تقرير المصير مع أشقائها من المحافظات الجنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبى الذي خطى أول خطواته نحو الاستقلال ،تمثل ذلك في تشكيله بعد إعلان عدن التاريخي بهدف بناء دولة جنوبية فيدرالية مستقلة، وتجلى ذلك بشكل واضح في سياسات القيادة الجنوبيه الحكيمة في بناء الجانب العسكري وجيش دولة الجنوب، ومع ذلك وبشكل شفاف يجب ان نفصل ان لـ كل خيار تداعياته السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، لذا من الضروري تحليل كلا المسارين.

اولاً الوضع تحت سيطرة حزب الإصلاح اليمني وفساده السياسي والمالي:
أ.الوضع السياسي:
حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، يسيطر منذ سنوات على مؤسسات حضرموت السياسية والأمنية، متحكماً بمفاصل الإدارة المحلية. هذه السيطرة لا تتسم بالديمقراطية، بل تتجلى في التلاعب بالموارد واستغلال السلطة لتعزيز نفوذ الحزب على حساب مصلحة سكان حضرموت.

يُشير البعض إلى أن حزب الإصلاح يسعى لتحويل حضرموت إلى مركز رئيسي له في اليمن، مُهمشاً مطالب الأهالي في تقرير مصيرهم وإدارة مواردهم. وقد ظهر ذلك جلياً في التسريبات عن التلاعب بمؤسسات الدولة المحلية واستخدامها كأداة لخدمة أجندات خارجية، ما أثر سلباً على استقرار المحافظة وأدى إلى تهميش الدور السياسي للسكان طيلة فترة حكم نظام صنعاء بشقيه المؤتمر والإصلاح، وآخرها كان غزو جماعة الحوثي الذي رفضته حضرموت بأستخدام القوة ودعم ابناء اشقائها من المحافظات الجنوبية ودول الجوار ليتم طرده قبل ان يضع رجلاً واحدة على حضرموت.

ب.الوضع الاقتصادي:
بالرغم من أن حضرموت تتمتع بموارد طبيعية غنية، فإن هذه الموارد لم تُستخدم بشكل فعّال لخدمة سكان المحافظة. بدلاً من ذلك، يستغل حزب الإصلاح هذه الموارد لمصالحه السياسية والمالية. تمثلت هذه السياسة في تسريب الأموال إلى خارج المحافظة تلبيه لمتنفذين حزب الإصلاح والمؤتمر عبر ادواتهم من قلة من أبناء الجنوب او بشكل مباشر من متنفذي الشمال وعدم توظيفها في تحسين البنية التحتية أو دعم قطاعات التعليم والصحة، بينما موارد مأرب لم تكن جزءاً من أي خطة لدعم اقتصاد البلد التي لطالما حمّلت حكومة الشرعية وقوى الشمال العبىء على عاتق محافظات الجنوب، إضافة الى سيطرة جماعة الحوثي التي تعتبر خارج المعادلة الاقتصادية، وعند الحديث على أي إصلاحات تتوجه انظار السياسين وهوامير الشمال الى المحافظات الجنوبية، على الرغم من أن المجلس الانتقالي قد حد من تأثيرهم المباشر نسبياً في التحكم بموارد محافظات الجنوب والعاصمة عدن.

بالمقابل، في حضرموت يعيش السكان في ظروف اقتصادية صعبة، حيث ترتفع معدلات الفقر والبطالة رغم الثروات التي تمتلكها حضرموت. ويُنظر إلى الحزب على أنه مسؤول عن هذا التدهور نتيجة فشله في تقديم نموذج اقتصادي مُستدام يخدم أبناء المحافظة ولن يعمل على ذلك حتى مستقبلا ً، لأن المحتل لا يقدم إلا ما يخدم مصلحته الخاصة ويضرب كل الحقوق عرض الحائط.

ج. الوضع الاجتماعي:
أدت سياسات حزب الإصلاح في حضرموت إلى حالة من الاحتقان الاجتماعي. يشعر السكان بتهميشهم واستبعادهم من عملية صنع القرار، وهذا يضع صورة لشكل من أشكال الاحتلال التي تمارسها قوى الشمال طيلة الفترة المنقضية من عام 1990 أدى ذلك إلى تصاعد التوترات بينهم وبين السلطة المحلية التي يُسيطر عليها الحزب وهي مطالب يدعمها المجلس الانتقالي الجنوبي ولكن دائماً ما يرى المحتل أي دعوة للحقوق على انها تعارض مع سياسات ومصالح قوى الشمال التي أدت إلى ضعف الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، وبالتالي صنعوا لحضرموت نموذج من المعاناة والتهميش المستمر حتى يومنا الحالي...

ولا نتغافل عن أن المجلس الانتقالي لعب دوراً مباشرا ً وغير مباشراً في جعل أبناء المحافظة يستطيعون المطالبة بحقوقهم والتي كانت مستحيلة ومن تجرأ سيتعرض للعقاب إبان تواجد قوى الاحتلال اليمني في ظل حكم نظام الهالك طيلة 35 سنة.

ثانيا: تقرير المصير مع المحافظات الجنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي القوة الضاربة وشوكة في حلق قوى الشمال ومطامعهم من جماعة الحوثي والإصلاح الإرهابي من أجل تحقيق استعادة دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة:
أ. الوضع السياسي:
يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي القوة السياسية الرئيسية والقوة الضاربة التي تسعى إلى استعادة حق تقرير المصير في بناء دولة الجنوب التي كانت تمثل أقوى دولة في الشرق الأوسط. وبالنسبة لحضرموت، تواجد ممثل سياسي جنوبي يُعتبر فرصة لإعادة صياغة دورها السياسي والاقتصادي ضمن إطار دولة جنوبية جديدة تضمن الحكم الذاتي لأبنائها وتحمي مواردها.

تاريخياً، حضرموت كانت جزءاً من دولة الجنوب قبل الغزو في صيف 94، وحظيت بتمثيل سياسي يضمن حقوقها. يمكن استدعاء أمثلة تاريخية ممثلة في أبناءها الذين كانوا مثلاً في ادارة موارد الدولة المالية عبر مؤسساتها في العاصمة عدن، والتاريخ يدون أن حضرموت تستحق أن تكون قلب الجنوب النابض باهلها وابناءها الذين مثلوا نموذجاً رائعاً لسيادة القانون وحب الوطن، معبراً عن أن حضرموت عمود صلب وآمن في هيكل دولة الجنوب ماضياً وحاضراً.اليد الواحدة لا تصفق ليؤكد هذا المثل أن لا جنوب بدون حضرموت ولا حضرموت بدون الجنوب. كل منشور وكل تعليق يحمل في طياته دعوة للتحريض وإثارة الفوضى، مما يهدد استقرار المنطقة وسلامتها الجنوب في مركب واحد من اجل هدف واحد وهو دولة جنوبية من المهرة الى باب المندب.

فيديو