تحليل | حق شعب الجنوب في استعادة دولته بين الشرعية القانونية والضرورة الإنسانية

دراسات وتحليلات - منذ 3 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص

يعلم الجميع أنه لطالما كان حق تقرير المصير أحد المبادئ الراسخة في القانون الدولي، وحق إنساني يُقرّ للشعوب التي تعرضت للقمع أو الاحتلال أو الإلحاق القسري بدولة أخرى. هذا الحق لا يسقط بالتقادم، بل يظل قائم ما دامت إرادة الشعب مستمرة في المطالبة به. وفي هذا السياق، يبرز شعب الجنوب العربي كمثال حي لشعب يسعى لاستعادة دولته المستقلة التي أُدمجت قسراً في إطار الوحدة اليمنية عام 1994، والتي تحولت لاحقاً إلى أداة للهيمنة السياسية والاقتصادية من قبل القوى الشمالية.

وفقاً للمواثيق الدولية، وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يحق للشعوب تقرير مصيرها. شعب الجنوب، الذي كان يتمتع بدولته المستقلة حتى عام 1990، له الحق المشروع في استعادة دولته بناءاً على الشرعية التاريخية والقانونية. تجربة الوحدة أثبتت فشلها الكامل، حيث تحولت إلى وسيلة للتهميش الاقتصادي والاستغلال السياسي والقمع الثقافي.

القانون الدولي يعترف بحق الشعوب المستعمرة أو المضطهدة في الاستقلال عن الأنظمة التي لا تمثل إرادتها. ما يطالب به شعب الجنوب ليس تجاوزاً للشرعية الدولية، بل تطبيق عملي لها. هذا المطلب يتفق مع العديد من السوابق الدولية التي اعترف فيها المجتمع الدولي بحق شعوب مضطهدة في تقرير مصيرها، من تيمور الشرقية إلى كوسوفو.

إلى جانب الشرعية القانونية، فإن حق شعب الجنوب في الاستقلال ينبع أيضاً من الضرورة الإنسانية. فمنذ اندماج الجنوب مع الشمال، عانى الجنوبيون من سياسات ممنهجة من الإقصاء والقمع.

علاوة على ذلك، فإن استخدام القوة العسكرية لقمع مطالب الحراك الجنوبي السلمي وغزو الحوثيين فيما بعد يعكس الطبيعة القمعية والإحتلالية للأنظمة الشمالية، والتي كانت ترفض أي صوت شعبي، مهما كان سلمياً. شعب الجنوب، الذي أظهر التزاماً بالوسائل السلمية والديمقراطية في التعبير عن تطلعاته، له كل الحق في الحصول على الدعم الدولي لنضاله العادل.

تجاهل قضية شعب الجنوب لن يؤدي إلا إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة. شعب الجنوب أوضح بجلاء أنه لن يقبل بأي حلول وسطية لا تضمن استعادة دولته كاملة السيادة. أي محاولة لفرض حلول قسرية ستؤدي إلى تصعيد جديد يهدد الأمن الإقليمي والدولي، خاصة مع الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي للجنوب المطل على أحد أهم الممرات البحرية في العالم.

السلام الحقيقي في اليمن لا يمكن أن يتحقق دون معالجة قضية شعب الجنوب بشكل جذري وعادل. تجاهل تطلعات الجنوبيين ليس فقط انتهاكاً لحقوقهم، بل أيضاً تجاهلاً لواحد من أهم أسباب استمرار الأزمة. الجنوب اليوم يمثل نموذج لشعب يناضل من أجل الحرية والكرامة والعدالة، ولن يتراجع عن هذه الأهداف مهما كانت التحديات.

وعليه نكرر الدعوة للمرة الألف على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في سياساته تجاه اليمن، وأن يعترف بحق الجنوب في تقرير مصيره. هذا الاعتراف لا يعني فقط احترام القانون الدولي، بل أيضاً المساهمة في بناء سلام مستدام في المنطقة. دعم الجنوب في استعادة دولته المستقلة لن يحقق فقط العدالة لشعب عانى طويلاً من القمع والتهميش، بل سيُسهم أيضاً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وحماية الممرات المائية، ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. لكن بدون تطبيق شفاف وحقيقي لهذه القوانين الدولية، يؤكد الشكوك حول مصداقيتها مثبته نمط لإزدواجية المعايير تجاه القضايا الشعبية والأمنية.

شعب الجنوب لا يطالب بما هو مستحيل، بل يسعى للحصول على حقه الطبيعي والمشروع في استعادة دولته. ومراراً وتكراراً يؤكد الشعب والقيادة الجنوبية أن هذا الحق ليس مجرد قضية سياسية، بل قضية شعبية قانونية إنسانية عادلة يجب أن تلقى الدعم من جميع القوى المؤمنة بالحرية والعدالة. بدون استقلال الجنوب، لن يتحقق السلام، وبدون العدالة، لن يكون هناك استقرار، وعلى المجتمع الدولي أن يختار!.

فيديو