الجنوب في مواجهة الفساد وإستعادة القرار الجنوبي

تقارير - منذ ساعتان

معركة شعب الجنوب المصيرية لاستعادة القرار الإقتصادي

عين الجنوب | تقرير - خاص


الفساد في الجنوب هو ظاهرة نشأت بعد حرب 94 كأداة ممنهجة استخدمتها قوى معادية لإضعاف الشعب الجنوبي وإبقاءه في حالة استنزاف دائم. لعقود طويلة، تحول الفساد إلى نظام محكم، تحميه شبكات متغلغلة في مؤسسات الدولة، تسرق الثروات، وتعطل التنمية، وتفرض واقعاً من الفوضى المقصودة لإضعاف القرار الجنوبي وإبقائه رهينة لمشاريع لا تخدم إلا القوى اليمنية المستفيدة من استمرار هذا العبث.

اليوم، لم يعد الصمت مقبولاً ولم يعد شعب الجنوب قادر على تحمل المزيد من النهب الممنهج في ظل الحرب الإقتصادية الحالية. لقد باتت المعركة ضد الفساد حرب تحرير ثانية، لا تقل أهمية عن النضال السياسي لاستعادة الدولة، فالمعركة الحقيقية لا تقتصر على استعادة الأرض، بل تمتد إلى استعادة الموارد التي نُهبت، والكرامة التي أُهينت، والمستقبل الذي جرى التلاعب به لعقود.

ومن رحم هذه المعاناة والنضال الجنوبي برز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية وعسكرية وأمنية ضاربة، كرأس حربة في هذه الحرب الوطنية المقدسة، واضعاً مكافحة الإرهاب والفساد في صلب مشروعه الوطني الجنوبي، وكإلتزام حقيقي ترجم إلى إجراءات ملموسة، يقودها رجال يؤمنون بأن الجنوب لن يكون حراً ما لم يتحرر من هذه الآفة. فحين قرر اللواء فرج البحسني، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، أن يفتح ملفات الفساد، كان يدرك جيداً أن المواجهة لن تكون سهلة، وأن القوى المتنفذة التي راكمت الثروات على حساب الجنوب لن تستسلم بسهولة. لكنه لم يتراجع، ولم يساوم، ولم يخضع للضغوط الداخلية والخارجية، بل بدأ معركة استعادة الحقوق بأدوات الدولة نفسها، مستخدماً القانون لكسر شبكات الفساد التي ظنت أنها فوق المساءلة لعقود.

تحرك البحسني هو خطوة إدارية مهمه جداً، برزت كعملية جراحية دقيقة وناجحة استهدفت أبرز منابع الفساد، وعلى رأسها قطاع النفط، الذي كان لثلاثة عقود ونيف الضرع المدِّر والذي تمتصه قوى لا علاقة لها بالجنوب وقضيته، بينما عاني أبناءه من الإقصاء والتهميش وحالياً من انقطاع الخدمات الأساسية والرواتب وتدهور العملة كعقاب جماعي غير مسوغ وغير مقبول إطلاقاً.

منذ اللحظة الأولى، بدأ البحسني بفضح المخططات السرية التي كانت تُستخدم لنهب النفط الجنوبي، حيث تبين أن عمليات التهريب كانت تتم بشكل عشوائي وبدائي، بمشاركة قوى متنفذة داخل أجهزة الدولة. كانت هناك منافذ تُستخدم لتهريب النفط، وعقود وهمية تُبرم مع شركات غامضة، وتحويلات مالية بملايين الدولارات تمر دون أي رقابة، بينما كان المواطن الجنوبي يسأل نفسه؛ من يتلاعب بقوت يومه؟!.

لكن الفاسدين لم يتوقعوا أن المواجهة هذه المرة لن تكون شكلية، إذ بدأ البحسني بإجراءات عملية وكشف المتلاعبين أمام الرأي العام، مؤكداً أن الجنوب لن يكون بعد اليوم ملعباً مفتوحاً للفاسدين. فالفساد الممارس سابقاً وحالياً هو جزء من مخطط سياسي كبير لإبقاء الجنوب في حالة عجز مستمر. فلم يكن الهدف فقط نهب ثرواته، بل حرمانه من أي إمكانية للنهوض، عبر إغراقه بالأزمات المفتعلة، وتدمير مؤسساته، وإبقاء موارده خارج سيطرته. لهذا، فإن الحرب الجنوبية ضد الفساد هي في جوهرها حرب استقلال، لأن من يتحكم في موارد الجنوب يتحكم في قراره السياسي. وقد أدرك المجلس الانتقالي الجنوبي هذه الحقيقة منذ البداية، فكانت أولى خطواته نحو استعادة الدولة هو إستعادة القرار الجنوبي في أرضه.

اليوم، بعد الخطوات الجريئة التي اتخذها البحسني، ومع تزايد الوعي الشعبي بخطورة الفساد ومن يقف وراء تدهور الأوضاع والضغوط بات من المستحيل العودة إلى الوراء. الجنوب لم يعد ذلك الشعب الذي يمكن التلاعب بثرواته في الغرف المغلقة، ولم يعد المواطن الجنوبي ذلك الشخص الذي يقبل بالأمر الواقع دون مساءلة.

المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، يؤكد في كل مناسبة أن هذه الحرب لن تتوقف عند كشف الفساد، بل ستمتد إلى محاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، وإرساء نظام شفاف يضمن أن تبقى موارد الجنوب ملك لشعبه. إنها معركة طويلة، لكنها حُسمت أخلاقياً وسياسياً: الجنوب لن يتم تجاوزه مرة أخرى، والفاسدون لن يجدوا بعد اليوم بيئة آمنة للنهب والتلاعب. فهذه الحرب الوطنية هي ضرورة وجودية لمستقبل شعب الجنوب وأجياله القادمة.

فيديو