الجنوب نحو حوكمة فاعلة

تقارير - منذ 14 ساعة

القيادة الجنوبية تقود إصلاحات جوهرية لتعزيز السيادة والاستقرار

عين الجنوب | تقرير - خاص


تشهد الساحة الجنوبية عملية ضرورية ومطلوبة مثّلها الحراك المتسارع والذي يقوده الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، في إطار جهود مستمرة لتعزيز الاستقرار، واستعادة دور مؤسسات الدولة، وتأمين متطلبات المواطنين، وسط تغيرات إقليمية ودولية مواتية. فخلال الأسابيع الأخيرة، انخرط الرئيس القائد الزُبيدي في سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي شملت إصلاح القضاء، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتعزيز الأمن الغذائي، والاستعداد لموسم الحج، وضمان استقرار السوق المحلية، واستعادة دور الوزارات والمؤسسات السيادية في العاصمة عدن، ومختلف محافظات الجنوب، في مشهد يعكس محاولة جادة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والبداية من المؤسسات القانونية، حيث اطّلع الرئيس القائد الزُبيدي على الإجراءات المتخذة لإصلاح منظومة القضاء، وهو ملف حيوي ظل لفترة طويلة يعاني من الإستغلال السياسي، ما أدى إلى غياب العدالة وازدياد النفوذ غير الشرعي داخل المؤسسات القضائية. خطوة الإصلاح هذه تأتي في وقت تتطلب فيه المرحلة الراهنة وجود قضاء نزيه وقوي قادر على حماية الحقوق، وتعزيز ثقة المواطنين بالدولة، والحد من الفساد المستشري في بعض القطاعات. فالمحاولات السابقة لإصلاح القضاء فشلت بسبب التأثيرات السياسية، ولكن الرئيس القائد الزُبيدي يعمل بشكل حثيث على تعزيز استقلالية هذه المؤسسة، باعتبارها العمود الفقري لأي دولة قوية ومستقرة. ومن شأن إعادة تفعيل القضاء أن تسهم في حماية الاستثمار، وضمان حقوق المواطنين، وتحقيق العدالة في ظل بيئة سياسية وأمنية متقلبة.

وفي إطار اهتمامه بالأوضاع الاقتصادية، ناقش الرئيس القائد الزُبيدي أوضاع السوق المحلية، واستقرار الإمدادات التموينية والمشتقات النفطية، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي يعيشها المواطنون. السوق الجنوبية تواجه تحديات متراكمة، أبرزها ارتفاع الأسعار، وتقلبات سعر الصرف، وتعطيل الموارد، واستمرار بعض القوى المتنفذة في تعطيل عمل المؤسسات الاقتصادية الوطنية.

التوجيهات الرئاسية ركزت على ضرورة تأمين الإمدادات الأساسية، وضمان استقرار أسعار الوقود، والعمل على كبح جماح الاحتكار والتلاعب بالسوق، وهي خطوات ضرورية لتخفيف الضغط على المواطنين، وتعزيز بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وضبطاً. كما أن الجهود المبذولة لاستعادة الأصول الاقتصادية في العاصمة عدن، كما أشار وزير الزراعة والثروة السمكية سالم السقطري، تعكس رغبة القيادة في إنهاء حالة الجمود وإعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية التي تعرضت للإستغلال والنهب خلال السنوات الماضية.

في هذا السياق، تأتي الزيارات الميدانية التي نفذها عدد من الوزراء والمسؤولين، مثل وزير النقل عبدالسلام حميد ووزير التخطيط واعد باذيب، واللذين أكدا على أهمية التواصل المباشر مع المواطنين، والوقوف على احتياجات محافظات الجنوب، ما يشير إلى تحول في نمط إدارة الحكومة نحو مزيد من العمل الميداني، بدلاً من البقاء في دائرة القرارات النظرية.

كما أن وزير الدولة محافظ العاصمة عدن، أحمد لملس، أكد أن تنمية العاصمة وتأمين مواطنيها يمثلان أولوية قصوى للسلطة المحلية، وهو موقف يعكس مدى إدراك القيادة الجنوبية لأهمية استعادة العاصمة عدن لدورها الريادي كعاصمة ومركز اقتصادي وسياسي للجنوب. فعدن اليوم تواجه تحديات مختلفة، من أزمات خدمية إلى ملفات الفساد الإداري، وصولاً إلى الضغوط التي تفرضها أزمة النزوح المستمرة، حيث دعا السقاف عضو هيئه رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي، إلى تحسين أوضاع العاصمة واستشعار المخاطر المترتبة على النزوح المستمر إليها.

قطاع الكهرباء كان حاضراً أيضاً في المشهد، حيث شدد وزير الكهرباء على ضرورة تكاتف الجميع لتجاوز منعطفات المرحلة الحالية، في وقت باتت فيه أزمة الكهرباء أحد أبرز الملفات الضاغطة على المواطنين، خاصة مع قدوم فصل الصيف، الذي يشهد تدهوراً حاداً في الخدمات، ما يتطلب حلولاً مستدامة كما أشار اليه الرئيس القائد الزبيدي.

وإلى جانب القضايا الداخلية، بحث الرئيس القائد الزُبيدي مع وزارة الأوقاف الاستعدادات لموسم الحج المقبل، وهو ملف مهم، خاصة في ظل التحديات التنظيمية التي شهدتها الأعوام الماضية، والمطالب المتزايدة بضمان شفافية الإجراءات ومنع أي استغلال سياسي أو مالي في ملف تأشيرات الحج والتسهيلات المقدمة للحجاج الجنوبيين.

وفي خطوة لتعزيز دور الشباب، أكد وزير الزراعة والثروة السمكية، سالم السقطري، أنه تم توظيف مئات الشباب في القطاع الزراعي والسمكي، واستعادة أصول الوزارة في العاصمة عدن، ما يعكس توجها نحو إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية الحيوية، وفتح المجال أمام القوى الشابة للانخراط في سوق العمل. ومن جانب آخر، شهدت العاصمة عدن فعالية رمضانية احتفاءاً بيوم المرأة، تم خلالها تسليط الضوء على دور المرأة الجنوبية في بناء المجتمع، وأهمية تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية. هذا التوجه يؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد تمكين أكبر للمرأة والشباب في صناعة القرار والمساهمة في إعادة إعمار البلاد.

المتابع لتحركات الرئيس القائد الزُبيدي يلحظ أنه يحرص على التواصل المباشر مع الشعب، وزيارة محافظات الجنوب، والاستماع إلى قضايا المواطنين، ما يعكس نمطاً قيادياً يركز على إعادة بناء جسور الثقة بين القيادة والشعب، والعمل على معالجة القضايا العالقة بطريقة مباشرة قريبة من الشعب. هذه الجولات المهمة إن دلت فإنما تدل على رغبة حقيقية في تعزيز الحضور الجنوبي في المشهد، وإثبات أن الجنوب قادر على إدارة شؤونه بنفسه، عبر تعزيز الحوكمة الفعالة وبناء نموذج رشيد في الحكم يلبي إحتياجات الشعب ويعكس صورة إيجابية داعمة للجنوب أمام المجتمع الدولي.

إن ما يحدث اليوم من حراك سياسي واقتصادي وإداري وخدمي وإجتماعي وثقافي في الجنوب، بقيادة الرئيس القائد الزُبيدي والمسؤولين والمحافظين الجنوبيين، هو تدشين لمرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة، وترسيخ السيادة، والتعامل مع القضايا الوطنية برؤية أكثر شمولية واستقلالية. ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال كبيرة، والضغوط مستمرة، سواء من الجهات التي تحاول تعطيل مسار بناء حوكمة جنوبية مثالية، أو من القوى الخارجية التي لا ترغب في رؤية الجنوب مستقلاً وقوياً ومزدهراً. لكن الآن يبدو من الواضح أن القيادة الجنوبية مصممة على البناء والتعمير والتنمية، مهما كانت العوائق، لأن الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من التردد أو الحسابات الضيقة. الجنوب يستوجب منه تولي زمام المبادرة، وإعادة ترتيب أوراقه، وبناء دولة مؤسسات حقيقية، قادرة على مواجهة المستقبل بثقة وقوة وكفاءه يشهد لها داخلياً وإقليمياً ودولياً.

فيديو