الجنوب بين ازمات ممنهجة، والفشل الحكومي

تقارير - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

في ظل التدهور للأوضاع الاقتصادية والخدماتية في الجنوب، تغيب أي بوادر فعلية للحلول، وسط عجز وفشل حكومي مطبق، وصمت غير مبرر من مجلس القيادة الرئاسي والدول التي تدعم فشله، ما يفاقم معاناة المواطنين ويدفع بالأوضاع نحو تصعيد استوجبته المرحلة. الأزمة لم تعد مجرد أزمة خدمات أو رواتب، بل تحولت إلى معركة يومية من أجل الكرامة والعيش، حيث أصبحت أبسط الاحتياجات معدومه بهدف إذلال شعب حر. إن هذا الوضع الكارثي يُدار بمنهجية إفقار متعمد، والمقصود به هو كسر الإرادة الجنوبية الشعبية، التي صمدت لعقود وواجهت الغزو والاحتلال بشجاعة.

إن استمرار هذا الفشل الممنهج لا يصب إلا في صالح المليشيات الحوثية الارهابية، التي تجد في هذا التخادم الحكومي والفشل بيئة خصبة لتمددها بغير وعي من الناس أن الهدف من ذلك هو هذا. تجاهل الاطراف المعنية لهذه المؤشرات المصيرية يطرح تساؤلات جدية: هل الصمت تجاه معاناة الجنوب مجرد غياب رؤية؟ أم أن هناك من يتعمد استخدام معاناة شعب الجنوب كورقة ضغط في صفقات سياسية وتنفيذ اجندة خبيثة لا تعبأ بثمنها الإنساني؟

وبالرغم، لا يزال شعب الجنوب يحتفظ بأكثر أدواته فاعلية: الوعي والإرادة التي لا تتزعزع، فمن قلب العتمة، تشكل المجلس الانتقالي الجنوبي في 11 مايو كممثل لتطلعات شعبه. واختار أن يترجم نضال الشعب الجنوبي إلى مشروع شامل، وأن يصوغ من الذاكرة الجمعية والنضال طريقاً نحو استعادة الدولة. تأسيس المجلس الإنتقالي اتى تتويجاً لمسيرة طويلة من المقاومة السلمية ثم العسكرية ثم السياسية ضد منظومة استبدادية اختزلت الجنوب ارضاً وشعباً في هامش وحدة فاشلة، نهبت موارده وهمّشت شعبه، وحوّلتها إلى غنيمة حرب. منذ 1994 وحتى معركة 2015، خاض فيها الشعب الجنوبي معارك شجاعة ضد الإقصاء والاحتلال والتهميش، وكانوا السبّاقين إلى مقاومة الغزو والمشروع الحوثي الكهنوتي.

اليوم، بعد كل هذا التاريخ من التضحيات، تُعاقب محافظات الجنوب، وتُجفف مواردها، ويُحرم موظفوها ومعلموها وأساتذتها من حقوقهم، ويُستخدم الراتب والخدمات كسلاح سياسي من نفس الشخصيات التي كانت ضمن المنظومة لدى الاحتلال اليمني والتي سمحت للفساد أن ينهب ما تبقى من موارد، وتُمنع صادرات النفط، ويُشل ميناء بلحاف، وتُطفأ مصافي عدن، وتنهار العملة المحلية دون رقيب.

بالأمس خرجت حرائر الجنوب في مظاهرات غاضبة تعبّر عن عمق الازمة، ورفض لواقع ممنهج ومتعمد. الجنوب لم يخرج إلى الساحات من أجل التوسل بل من أجل تأكيد إرادته الحرة وحقه في العيش بكرامة على ارضه، وهي الإرادة نفسها التي انتصرت في كل المحطات الصعبة.

الحقيقة باتت اقرب الى الصواب، فـالجنوب لم يعد يتحمل مزيداً من العبث. ولا يحتمل البقاء رهينة لحكومة منفلته ومجلس قيادة غير مسؤول ومنفصل تماماً عن واقع الناس. استمرار هذا الوضع من دون تصحيح حقيقي، والذي ربما اُريد به فتح الباب أمام التمدد الحوثي الإرهابي. لذلك، الجنوب يضع حلاً مثّله طرح د/الوالي: حكومة جنوبية خالصة للجنوب عاصمتها عدن، تقابلها حكومة شمالية تتولى مواجهة الانقلاب. شراكة مرحلية، تحالف عقلاني، إلى أن يُحسم الصراع بتحرير الشمال سلماً او حرباً.

فيديو