التغلغل الاخواني في مؤسسات دول المنطقة يهدد الأمن القومي لشعوبها

تقارير - منذ 18 ساعة

عين الجنوب | تقرير - خاص

التغلغل الإخواني المهدد في مؤسسات دول المنطقة لم يعد مجرد اتهام متداول في الأوساط السياسية، بل بات واقع موثق تدعمه قرارات رسمية صادرة من وزراء في حكومات شرعية يفترض أنها تقف في وجه المشروع الإيراني الطائفي. في شمال اليمن، حيث الحرب مع ميليشات الحوثيين تدخل عامها العاشر، كُشف مؤخراً عن فضيحة رسمية تمثل انتكاسة خطيرة في جهود استعادة الدولة التي تتغنى بها الشرعية، وتكشف عن مدى النفوذ الخفي الذي بات يمارسه الإخوان المسلمون من داخل بنية السلطة الشرعية، لصالح اعداء شعب العربية اليمنية.

الوثيقة الموقعة بتاريخ 26 يوليو 2023، والصادرة عن وزير الصناعة والتجارة محمد محمد الأشول، وهو محسوب على جماعة الإخوان (الإصلاح)، تضمنت توجيه رسمي لمصلحة الجمارك باعتماد "الاتحاد اليمني لشركات التأمين" كمصدر وحيد للمعلومات التأمينية والربط الشبكي في المنافذ الجمركية التابعة للحكومة. اللافت والخطير أن هذا الاتحاد مقره صنعاء، ويخضع لسيطرة ميليشيا الحوثي، الذراع الإيراني في شمال اليمن. الوزير لم يشترط حتى نقل المقر إلى العاصمة عدن، بل منح ميليشات الحوثيين تفويض مفتوح للتحكم بجزء حساس من منظومة الدولة الاقتصادية، عبر واجهة تبدو تجارية لكنها في جوهرها أمنية واقتصادية بامتياز.

هذا القرار لا يمكن فهمه إلا في سياق تواطؤ متعمد بين شخصيات إخوانية تتبوأ مناصب رسمية، وقيادة ميليشيا الحوثي. هو ليس خطأ إداري أو تجاوز فردي. بل حلقة جديدة في سلسلة التفاهمات غير المعلنة بين الإخوان وميليشات الحوثيين، والتي بدأت منذ أن قرر الجناح السياسي للإخوان تجميد الجبهات، وتعطيل المواجهة الحقيقية مع ميليشات الحوثيين، مقابل الاحتفاظ بمواقع نفوذ داخل الحكومة.

ما جرى في وزارة الصناعة ليس معزولاً. هو صورة مصغرة لواقع أخطر، حيث أصبح التحالف بين جماعة الإخوان والنظام الإيراني يتمدد من خلال وكلائه في شمال اليمن وسوريا والسودان. المشروع الإيراني لا يتقدم فقط عبر فوهة البندقية، بل من خلال التحالف مع تنظيمات ذات طابع أيديولوجي طائفي، تشترك معه في عداء الأنظمة الوطنية، وتستخدم الشعارات الإسلامية كغطاء لتحالفات تخدم أجندات خارجية.

في السودان، تمد الجماعة الإخوانية يدها إلى طهران في الخفاء، وتنسق معها في دعم فصائل مسلحة، مستغلة فوضى الحرب. في سوريا، ظهرت فصائل غامضة مثل "سرايا أنصار السنة"، بشعار سني، وبدعم غير مباشر من ممولين يتقاطعون مع شبكات الإخوان. في شمال اليمن، تقاطعت جماعة الإصلاح مع القاعدة، وأنصار الشريعة، ومع ميليشيات الحوثيين، في شبكة مصالح متناقضة ظاهراً، موحدة باطنياً، تحت هدف: إسقاط الدولة الوطنية، وتفكيك مؤسساتها، وتدويرها لصالح المشروع الأكبر لولاية الفقية.

ما يكشفه هذا المشهد هو أن جماعة الإخوان لم تكن يوماً مشروع وطني، بل تنظيم عابر للحدود، مستعدًا للتحالف مع العدو، طالما أنه يخدم "التمكين". بين خطابات المقاومة وأفعال التواطؤ، تنهار الجبهات، وتُختطف مؤسسات الدولة من الداخل، وتُسلّم لمليشيات مدعومة من الخارج، بقرارات موقعة بخاتم الحكومة الشرعية نفسها.

التقاطع بين الإخوان وميليشات الحوثيين، لم يعد وهماً نظرياً. هو واقع موثق، تدعمه وثائق رسمية، وتحميه شخصيات سياسية ما زالت تتصدر مشهد الشرعية. كل يوم يُترك هذا الاختراق دون محاسبة، هو يوم إضافي في عمر المشروع الطائفي الإخواني المشترك، الذي يعيد رسم خارطة المنطقة لصالح فوضى دينية وسياسية تمزق الأوطان من داخلها.

الصمت على هذه الحقائق لم يعد مبرراً. فالقضية لم تعد خلاف سياسي، بل مسألة أمن قومي، وخيانة للدماء التي سالت، وللشعوب التي صمدت في وجه الجماعات المتطرفة والطائفية.

فيديو