المؤتمر الوطني للطاقة في عدن.. مفتاح الإصلاح: دلالات التمركز والانتقال نحو الاستدامة

تقارير - منذ 9 ساعات

عين الجنوب || خاص:
استضافة عدن مؤخراً حدثاً مفصلياً طال انتظاره، تمثل في انعقاد المؤتمر الوطني الأول للطاقة، تحت شعار "الطاقة المستدامة"، وهو تجمع نوعي لا يمثل مجرد اجتماع لمناقشة التحديات، بل يُعد إعلاناً صريحاً عن بدء مرحلة جديدة من الإصلاح الجذري في أهم القطاعات الحيوية للبلاد. إن مجرد اختيار عدن لاستضافة هذا الحدث الكبير يحمل في طياته دلالة سياسية ورمزية عميقة، إذ يؤكد على استعادة المدينة لدورها كمركز إداري واقتصادي قادر على احتضان الفعاليات الوطنية الكبرى وقيادة مسيرة التعافي من الأزمات المتراكمة، خاصة في ظل المعاناة الخانقة التي يواجهها المواطنون جراء الانهيار المستمر لخدمات الكهرباء.
تكمن الأهمية القصوى لهذا المؤتمر في كونه يمثل خارطة طريق وطنية شاملة للانتقال من الاعتماد شبه الكلي على الوقود الأحفوري إلى تبني مسار الطاقة النظيفة والمتجددة، وهو تحول ضروري ليس فقط لضمان استدامة الخدمة وتقليل التكلفة الباهظة للتشغيل، بل وأيضاً للوفاء بالالتزامات البيئية والمناخية الدولية. لقد جمع المؤتمر كبار مسؤولي الحكومة وشركاء التنمية الدوليين، والمؤسسات المانحة، إلى جانب ممثلين عن القطاع الخاص والجامعات والخبراء، مما يؤكد على النهج التشاركي في صياغة الحلول، وهو نهج لا يسعى فقط إلى معالجة العجز الفني في محطات التوليد، بل يهدف إلى إصلاح النموذج الإداري والمالي لقطاع الكهرباء الذي يعاني من تحديات هيكلية عميقة منذ سنوات. وقد تركزت النقاشات على محاور أساسية تشمل تحسين كفاءة الإنتاج والتوزيع، وتعزيز الشفافية في الإدارة، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص كآلية رئيسية للتنفيذ.
أما دلالات انعقاد المؤتمر فهي تتجاوز الجانب الفني لتلامس جوهر مسار التعافي الاقتصادي والسياسي ؛و يبعث برسالة واضحة للمجتمع الدولي والمانحين مفادها أن الحكومة جادة في وضع خطط تنموية قابلة للتطبيق، وأنها مستعدة لتهيئة البيئة الاستثمارية اللازمة. ويُنتظر من المؤتمر أن يثمر عن الإعلان عن حُزم تمويل ومشاريع محددة للطاقة المتجددة، لتمثل دفعة أولى نحو إنهاء أزمة الكهرباء التي تعيق كل أوجه الحياة والتنمية. كما أن تزامن هذا الحراك مع الجهود الحكومية لتفعيل الإصلاحات المالية والإدارية الأخرى يشير إلى وجود إرادة سياسية حقيقية لانتشال البلاد من حالة التدهور، وتأكيد على أن قضية الطاقة هي مفتاح التعافي الوطني. ولذلك، فإن الأنظار تتجه نحو مخرجات هذا المؤتمر، على أمل أن تتحول القرارات المطروحة إلى خطوات تنفيذية سريعة وملموسة تنهي معاناة شعب بأكمله، وتفتح آفاقاً جديدة للاستقرار والتنمية المستدامة

فيديو