"الداتورا" أو عشبة "جيمسون المهلوسة".. نبتة مخدرة تنبت في اليمن

تقارير - منذ 1 سنة

"الداتورا" أو عشبة "جيمسون المهلوسة".. نبتة مخدرة تنبت في اليمن عين الجنوب ، عبدالله الشادلي: [caption id="attachment_19752" align="alignnone" width="300"]"الداتورا" أو عشبة "جيمسون المهلوسة".. نبتة مخدرة تنبت في اليمن "الداتورا" أو عشبة "جيمسون المهلوسة".. نبتة مخدرة تنبت في اليمن[/caption] على الرغم من انتشار المخدرات بمختلف أشكالها في اليمن، والجهود المبذولة في سبيل محاربة هذه الآفة، يثير انتشار بعض النباتات البرية، مثل "الداتورا" (Datura) القلق، لا سيما أنّه نبات لا يحتاج إلى تدخل بشري لنموه وازدهاره. نبتة الداتورا، من النباتات سريعة التكاثر والنمو، وتنتشر بذورها بواسطة الرياح والمياه. وتنبت أزهارها طيلة فصول السنة، وتنتج بذورا سوداء كروية [قنفذية] الشكل. وتنتشر نبتة الداتورا في عدد من مناطق ومحافظات اليمن، مثل: تعز، والضالع، وحضرموت وشبوة. وتعرف الداتورا في حضرموت بـ"الجُليْجِلة"، وفي شبوة بـ"الخش خاش"، وفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ"نيوزيمن". ما هي الداتورا؟ تندرج الداتورا ضمن عائلة البوقيات، وتتميز بأزهار وأوراق وجذوع متفاوتة السمك، وتحتوي على مركبات طبيعية. وبشكل عام، لا تحتاج هذه النباتات إلى عناية خاصة لكي تنبت وتزدهر. وفي محافظة حضرموت، تنتشر الداتورا في مناطق متفرقة بالساحل، مثل وادي حجر، غرب مدينة المكلا، وبعض أجزاء مديرية الريدة وقصيعر، شرق المدينة. ولنبتة الداتورا مخاطر صحية كبيرة، حيث إن جميع أجزائها تعتبر شديدة السُمية، وقد تسبب تسمما شديدا في حال ابتلاعها أو استنشاقها. وعلى الرغم من استخدم الأعشاب والنباتات المختلفة في التداوي من بعض الأمراض بما فيها الداتورا، يظل استخدام هذه النبتة خطِراً، وغير مسلَّم به من قبل الجهات الصحية. هل الداتورا مخدرة؟ تعتبر الداتورا من النباتات المخدرة المنتشرة في العالم؛ بسبب تأثيراتها القوية على الجهاز العصبي، والتي قد تؤدي إلى نوبات من الهلوسة، والجنون والتشنجات العضلية. وتحتوي الداتورا على مواد كيميائية نشطة، من أبرزها: التروبان القلوية (بخاصة ألكالويدات، مثل: الأتروبين والهيوسيامين)، وداتورين، والهيوسياميد، والداتورأولين، والداتورينول، والسكوبولامين. وجميع هذه المركبات سامة وتسبب أعراض التسمم عند تناول هذه النبتة أو أجزاء منها. ويسبب تعاطي هذه النبتة، تغييرات في الوعي والشعور والسلوك الإنساني، ومضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة في الحالات الشديدة. وفي الخليج، حذر الخبير الكويتي في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الدكتور عايد علي الحميدان، من نبتة الداتورا. وقال: إنّها "نبتة مخدرة لها تأثيرات سلبية على القلب والأعصاب عند تعاطيها". وعبّر خبراء وأطباء في حديث لـ«نيوزيمن» عن مخاوفهم من انتشار هذه النباتات، وخروجها إلى العلن، لا سيّما مع كثرة تعاطي بعض من عجزوا عن شراء المخدرات الرائجة، كالحشيش، إضافة إلى العقوبة القاسية المترتبة على تعاطي هذا المواد. "هناك نباتات ضارة، مثل: الداتورا، التي نسميها محليا الجليجلة، والتي نعتقد أنّها نبتة مخدّرة بامتياز، وتنتشر في كثير من وديان وسهول وهضاب حضرموت وشبوة"، يقول الخبير الزراعي صهيب الشاطري. ويضيف الشاطري لـ«نيوزيمن»: "إلى جانب هذه النبتة، توجد بمناطق أخرى في حضرموت نبتة أخرى يُطلق عليها "الهنجِلَة"، لكن المعلومات لدينا حول هذه النبتة ضئيلة، بيد أنها لا تختلف عن الأولى من حيث التأثير والتخدير". ويعتقد الحضارم القدامى أنّ الداتورا تسبب الجنون للمواشي والخراف التي تأكل من أوراق وثمار هذه النبتة. ويستطرد الشاطري: "منذ القدم ونحن نسمع، من آبائنا، أن نبتة الجليجلة، تسبب الجنون للإبل، لكن لم يخطر ببالنا أنّها نبتة مخدّرة". وفي الوقت الراهن، يرى الشاطري أنّ الجليجلة نبتة مخدّرة يجب أن تخضع للأبحاث والدراسات، لكي يتم إدراجها ضمن النباتات المخدّرة، كالخشخاش التي يُستخرج منها الحشيش. وفي حديث لـ«نيوزيمن»، قال الشاب عبد الله علي، من أبناء مديرية وادي حجر: إنّ "سمات المخدرات، تتجلى في هذه النبتة". وزعم الشاب الثلاثيني أنّه "جرّبها في إحدى المرات عن طريق تدخين أوراقها، وعن طريق وضع بذورها في الشاي، مرة أخرى". وأضاف: "عملياً، لم أشعر بأي تأثير حينها، إلا أنني شعرت برغبة شديدة في النعاس. وحالة من النشوة والهذيان، قال بعض الأصدقاء إنهم لاحظوها لاحقاً". مع ذلك، يقلل مدير مكافحة المخدرات بساحل حضرموت، العقيد عبدالله لحمدي، من هول النبتة، وقال لـ«نيوزيمن»: "إنّها بحاجة إلى دراسة لإثبات تأثيرها". ماذا تقول الدراسات؟ على الرغم من أن نبتة الداتورا غير مدرجة ضمن النباتات المخدّرة عالمياً، إلا أنّ هناك دراسات وأبحاثاً أجرتها مراكز بحثية غربية، تحدثت عن التركيب والتأثيرات الجسدية والوضع القانوني لهذه العشبة، التي يطلق عليها عشبة "جيمسون المهلوسة" (Jimsonweed). وقال تقرير صادر عن المركز الوطني للاستخبارات الدوائية في الولايات المتّحدة الأمريكية: إن هذا العقار "تعاطاه طلاب المدارس الذين يسعون إلى ارتفاع نسبة الهلوسة دون تكلفة، لكونه بديلاً لأدوية أخرى باهظة الثمن". وأضاف التقرير إنّ "سهولة الوصول والقيود القانونية المحدودة جعلت من هذه العشبة بديلاً قابلاً للتطبيق". وركز التقرير على ثلاثة جوانب من هذه النبتة: الوصف والتكوين والآثار الفيزيائية، التوفر وسوء الاستخدام والوضع القانوني. وأشار التقرير إلى أنّه يتم استهلاك العشبة في خلطات الشاي، ومع ذلك، يمكن أيضاً تناول البذور والأوراق ورحيق الأزهار أو تدخينها، حيث إنّ النشوة تتكون من الهذيان والهلوسة. ولفت التقرير إلى أنّ الأعراض تشمل -في الغالب- عدم وضوح الرؤية والارتباك والإثارة والسلوك القتالي، وقد أدى تناول الدواء إلى حدوث نوبات وغيبوبة وحتى الموت. ومع كل الآثار الضارة، لم يتم جدولة نبتة الداتورا بموجب قانون المواد الخاضعة للرقابة. ومع ذلك، فإن نيوجيرسي وكونيتيكت وتينيسي من بين الولايات في أمريكا التي أقرت شكلاً من أشكال التشريع للسيطرة على انتشار هذه النبتة. وقال تقرير الاجتماع الـ24 لرؤساء الأجهزة الوطنية المعنية بإنفاذ قوانين المخدرات في 6 أكتوبر 2014، بشأن المؤثِّرات النفسية الجديدة وغيرها من المواد غير الخاضعة للمراقبة الدولية: إنّ "السلطات لا تكون على علم بالمؤثِّرات النفسية الجديدة التي يجري تعاطيها إلى أن يتقدَّم متعاطوها بأنفسهم لتلقِّي العلاج". ولفت التقرير إلى أنّ نبتة الداتورا -التي لها مكانة مقبولة في الطب الإفريقي التقليدي في العديد من المناطق- تمثِّل أيضاً خطراً كبيراً على صحة من يتعاطاها كمنشِّط غير مشروع". https://www.unodc.org/documents/ungass2016/Contributions/HONLAF/UNODC_HONLAF24_5_aV1406486.pdf ويعاقب القانون الكويتي الجزائي رقم 13 لسنة 1990، وفقاً للخبير الكويتي الحميدان، بالإعدام والحبس المؤبد كل من زرع نباتاً من النباتات الممنوعة […] في القانون أو حتى حيازتها بقصد التعاطي"، ولفت إلى أنّ الداتورا من ضمن هذه النباتات، رغم أنّها غير مدرجة في الجدول رقم (5) الملحق بهذا الباب. https://www.moi.gov.kw/main/content/docs/antidrug/ar/law-against-drugs.pdf ويرى الفني المخبري سعيد باوزير، بضرورة مكافحة هذه النبتة وإزالتها قدر الإمكان لتقليل انتشارها على الأقل، مشيراً إلى أنّ الداتورا خطر قادم يتوجّب محاربته "ووأده في مهده". وفي بلد يعيش ظروفاً اقتصادية وسياسية معقدّة للغاية، لا يبدو أنّ مهمة محاربة هذه النبتة بالأمر اليسير، لا سيّما مع سرعة انتشار الأنواع الأخرى من المخدرات. وتظل مثل هذه النباتات رهينة الدراسات التي لا يبدو أنّها ستُجرى على المدى الطويل، من قبل المنظمات الدولية، من أجل إثبات فاعليتها، وإدراجها ضمن قوائم المخدرات والمؤثرات العقلية.

عين الجنوب

فيديو