تداعيات هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن

دراسات وتحليلات - منذ 21 يوم

تحليل ، عين الجنوب | خاص 

الأبعاد الإقتصادية من المستفيد؟

يشهد البحر الأحمر الذي يُعد واحد من أكثر الممرات الملاحية  أهمية على المستوى العالمي، حيث تمر من خلاله العديد من السفن التجارية وناقلات النفط الحيوية للاقتصاد الدولي. لكن بعد تصعيد وهجمات الحوثيين ، أصبح هذا الممر الحيوي عرضة لهجمات متزايدة مما يجعله غير أمناً في هذه المرحلة، نظراً أنه يهدد سلامة السفن بشكل مباشر ويضع استقرار المنطقة والاقتصاد العالمي في أزمة جديدة، إن لم تكن أزمة الحرب الأوكرانية الروسية قد أثرت في الأقتصاد العالمي مسبقاً

هجمات الحوثيين: تهديد للسلم البحري

أحد أبرز الهجمات التي أثارت القلق الدولي كان استهداف السفينة سونيون اليونانية في البحر الأحمر في 13/اغسطس 2024، وهو الهجوم الذي أبرز قدرة الحوثيين على استهداف السفن التجارية حتى تلك التي تتبع دول بعيدة جغرافياً عن الصراع. مما يثير تساؤلات حقيقية حول المستفيد من ذلك، خاصة وأن اليونان لم تكن طرفاً في الصراع ولم تكن في السابق مما يثير الشكوك حول تركيا قبل روسيا، نظراً للإيدلوجية المشتركة بين إيران وتركيا في قضايا الشرق الأوسط.
 هذا الاعتداء من قِبلْ جماعة الحوثيين لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل يعكس استراتيجية الحوثيين في استخدام البحر الأحمر كساحة ضغط وابتزاز على المجتمع الدولي، من خلال تهديد سلامة الملاحة البحرية وتعطيل التجارة العالمية.

الهجمات على السفن لم تقتصر على سونيون اليونانية فقط، بل تعددت لتشمل عدة ناقلات نفط وسفن تجارية، مما دفع العديد من الدول إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، وتنامي القلق الدولي من تكرار هذه الهجمات. 

التداعيات الاقتصادية لهذه الهجمات قد تكون كارثية؛ إذ يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الشحنات، وتأخير في تسليم البضائع، بالإضافة إلى تهديد إمدادات الطاقة العالمية.

ومع ذلك نرى استجابة المجتمع الدولي لهذه الحوادث غير كافية، وهنا يقول عبدالكريم الجزري لعين الجنوب أن اسباب ذلك قد يعود الى:
- عدم رغبة الدول في المجازفة في استقرارها الداخلي، خاصة دول الخليج، ورؤية المملكة العربية السعودية الإقتصادية.
- أيضاً قد يكون هناك تخوف لدى دول اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من فتح صراع جديد في الشرق الأوسط في ظل استمرار أزمة الحرب الأوكرانية الروسية، وتركيز جهود المجتمع الدولي على الصراع الدائر هناك، علاوة على أن هناك احتمالية كبيرة أن تكون هناك أطراف أخرى غير روسيا وإيران مستفيدة او داعمه لذلك بشكل غير مباشر ابرزها: الصين وتركيا

ولهذا السبب يمكن طرح هذا الخيار، والذي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في الحد من تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر.

تمثل هذا الخيار في إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي استعداده لحماية مصالح المجتمع الدولي والإقتصاد العالمي في ظل استمرار هذه التهديدات، ولكن مع القدرات الحالية للمجلس الانتقالي خاصة في تأمين ممر دولي هام، يمكن أن يطرح هذا السؤال:

"هل يمكن حقاً للمجلس أن يحد من تأثير هجمات الحوثيين في البحر الاحمر؟"

للإجابة عن هذا السؤال نستعرض استقراء عام لإستعدادات المجلس ومتطلبات تحقيق هذا الهدف المتمثل في حماية وتأمين ممر دولي هام. 

في هذا الإطار، يبدوا جلياً أن المجلس الانتقالي يسعى إلى لعب دور رئيسي في حماية خطوط الملاحة في البحر الأحمر، بتأكيده على ضرورة التعاون والشراكة الدولية لتحقيق الاستقرار في هذا الممر البحري الاستراتيجي. علاوة الى دعوة المجلس الانتقالي إلى شراكات قوية مع القوى الدولية والإقليمية من أجل توفير مظلة أمان للملاحة البحرية، وتعزيز القدرات الدفاعية على طول سواحل الجنوب الممتدة على البحر الأحمر وبحر العرب.

ومن الواضح جداً أن الجنوب يتمتع  بموقع استراتيجي يجعل منه بوابة حيوية للتجارة العالمية، وخاصة من خلال مضيق باب المندب الإستراتيجي. ومن هنا، يعتقد المجلس الانتقالي أن بإمكانه لعب دور فعّال في تأمين هذه المنطقة، شريطة حصوله على الدعم اللازم من المجتمع الدولي والدول المعنية بحماية الملاحة في الإقليم والعالم.

دور الشراكات الدولية في تحقيق الاستقرار

المجلس الانتقالي يشدد على أن حماية البحر الأحمر ليست مسؤولية طرف واحد، بل تحتاج إلى تنسيق دولي وجهود مشتركة بين القوى المحلية والإقليمية والدولية. فالمجلس، الذي يتمتع بتجربة عسكرية في مواجهة التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، يسعى إلى استخدام هذه الخبرات لمواجهة التهديدات البحرية التي تمثلها جماعة الحوثيين.

من خلال تعزيز التعاون مع القوات البحرية الدولية في الإقليم، من الممكن للمجلس الانتقالي أن يكون شريك فاعل في تنظيم دوريات بحرية وتأمين السفن التجارية التي تمر عبر المنطقة. كما يمكنه الاستفادة من الدعم التقني والعسكري للدول الكبرى لتعزيز قدراته في المراقبة، والتصدي لأي محاولات للهجوم على السفن.

خطة المجلس المقترحة لتعزيز الأمن البحري:

يقترح المجلس الانتقالي خططاً عملية لتعزيز الأمن البحري، بدءاً من إنشاء قوة بحرية جنوبية متخصصة في حماية السفن ومكافحة الهجمات الإرهابية والقرصنة البحرية. هذه القوة ستكون مدعومة بأنظمة مراقبة متطورة تشمل الطائرات المسيرة والرادارات، وذلك لضمان تأمين الممرات البحرية بشكل فعال.

كما ينظر المجلس إلى أمكانية التعاون لتطوير البنية التحتية البحرية في عدن والموانئ الجنوبية الأخرى، بحيث تكون قادرة على تقديم الدعم الأمني للسفن التجارية والعسكرية على حد سواء. هذا من شأنه أن يحول الجنوب إلى مركز أمني إقليمي يسهم في تحقيق الاستقرار في البحر الأحمر.

التحديات التي تواجه هذا المقترح:

ورغم هذه الجهود، يواجه المجلس الانتقالي عدة تحديات، ابرزها ضمان تمويل مستدام لدعم العمليات البحرية والمشاريع الأمنية. ومع ذلك، يظل المجلس مؤمناً بأن التعاون والشراكة مع المجتمع الدولي بشكل عام، ودول الجوار بشكل خاص هي الطريق الأمثل لتحقيق الأمن البحري في البحر الأحمر، وضمان سلامة الملاحة الدولية.
مؤكداً أن استقرار البحر الأحمر يتطلب جهود مشتركة وتنسيق على أعلى المستويات، ويدعو المجتمع الدولي إلى عدم ترك هذه المنطقة عرضة لتهديدات الحوثيين. يأتي ذلك في الإشارة الضمنية للبيان الذي صرح به المجلس رسمياً.

وهنا يمكن ان نستنبط أن هناك خيارات أخرى، تتميز في تخفيف الأثر السلبي للتصدي المباشر للتهديدات الحوثية في البحر الأحمر، يتمثل هذا الخيار في دعم القوات الجنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أبرز نجاحاً ملموساً في تأمين محافظات جنوب اليمن عبر عملياته العسكرية في مكافحة الإرهاب بدعم من التحالف العربي  خاصة الإمارات العربية المتحدة، ولكن في سبيل تأمين ممر دولي هناك حاجة ملحة لتعزيز الشراكات مع القوى الإقليمية والدولية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في هذا الممر الحيوي الهام والإستراتيجي.

وفي هذا الصدد نشر موقع The Times في الشرق الأوسط مقالاً رصده إعلام عين الجنوب يشير هذا المقال الى تداعيات هجمات الحوثيين في البحر الأحمر  وإمكانية التعاون مع المجلس الانتقالي في حماية وتأمين طرق الشحن في المنطقة

نص الإشارة في المقال:

"مع الدعم الدولي الكافي، يمكن أن يصبح المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) لاعب رئيسي في تأمين البحر الأحمر، نظراً لوجوده العسكري الاستراتيجي في جنوب اليمن. وقد أعرب المجلس الانتقالي مراراً عن التزامه بضمان استقرار المنطقة، ودعا إلى شراكات للتصدي لتحديات الأمن البحري. بدعم من القوى الإقليمية والعالمية، يمكن للمجلس تعزيز قدراته البحرية، مما يساعد في ردع هجمات الحوثيين وحماية طرق التجارة الدولية في البحر الأحمر بشكل كبير."

البحر الاحمر اليمن الملاحة الدولية خليج عدن

فيديو