الإستقرار في المنطقة يتطلب الإعتراف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، الأهمية الإستراتيجية والإنفتاح مع العالم

تقارير - منذ 15 يوم

تقرير: دعوة للمجتمع الدولي إلى احترام إرادة شعب الجنوب ودعم استعادة دولته لتحقيق الاستقرار والمصالح المشتركة


يواجه الجنوب حالياً مرحلة حاسمة في سعيه لاستعادة دولته المستقلة، مما يشكل فرصة تاريخية لإقامة دولة مستقرة، قادرة على إدارة مصالحها بشكل مستقل ومتوازن، وبما يتوافق مع التطلعات الدولية في المنطقة. إن المجتمع الدولي، بمؤسساته السياسية والاقتصادية، وأيضاً من خلال تحالفاته الإقليمية، لديه مصالح متعددة في الجنوب تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والأمني، وبتأمين خطوط الملاحة والطاقة، خاصة وأن الموقع الجغرافي للجنوب يجعله مفتاح محوري للتجارة الدولية.

إن شعب الجنوب، بوعيه وإدراكه للمتغيرات الإقليمية والدولية، يعبر عن استعداده للحفاظ على المصالح الدولية في المنطقة، ويدعو المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في موقفه من القضية الأساسية من زاوية إيجابية. الجنوب، بقيادته ومجتمعه، يرحب بأي شكل من أشكال التعاون التي تتطلبها المصالح الدولية على أن تكون هذه التعاونات قائمة على الاحترام المتبادل وتحقق منفعة مزدوجة، بما لا يضر بمصالح شعب الجنوب ولا يعوق سعيه لاستعادة دولته.

لا سيما وأن الجنوب يمثل موقع استراتيجي لا يُستهان به، حيث يطل على خطوط ملاحية رئيسية تمر منها معظم شحنات الطاقة والبضائع العالمية، مما يجعل استقرار الجنوب أمر حيوي بالنسبة للمجتمع الدولي خاصة الأشقاء في التحالف العربي. فاستقلال الجنوب وتشكيل حكومة قوية ومستقرة يمثل فرصة لتحقيق الأمن في المنطقة، خاصة في وجه التهديدات المتزايدة من الإرهاب والقرصنة البحرية والجماعات المتطرفة وتصعيدات الحوثيين. دولة جنوبية مستقلة وفعالة ستوفر شريك جاد يحافظ على الاستقرار الإقليمي، ويكون قادر على ضمان حماية مصالح المجتمع الدولي في المنطقة.

فلطالما اكدت وتؤكد القيادة وشعب الجنوب على استعدادهم الكامل لدعم أي مشاريع اقتصادية أو استثمارية دولية في الجنوب، شريطة أن تُحترم رغبتهم وطموحهم في بناء دولة فيدرالية مستقلة وحديثة. حيث يمكن لدولة جنوبية مستقلة أن توفر بيئة آمنة ومستقرة لجذب الاستثمارات في القطاعات الحيوية والإتصالات وتطوير مشاريع البنية التحتية والطاقة، وتطوير الموارد الطبيعية كالنفظ والغاز، مما سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد المحلي والعالمي. وجود دولة مستقلة في الجنوب سيمكن المجتمع الدولي من التعاون مع شريك حقيقي موثوق قادر على تنفيذ التزاماته بكفاءة وشفافية.

فاستمرار الوضع الحالي في الجنوب، بما يتسم به من غياب الحوكمة المسؤولة عن الشعب ومن تواجد قوى شمالية تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة على حساب إرادة الشعب الجنوبي بدعم خارجي مبرر على مصالح مؤقتة ولكنها لا تخدم لا شعب ولا امن ولا إستقرار إجتماعي وإقتصادي وسياسي، بل يزيد من هشاشة المنطقة ويهدد الاستقرار الإقليمي. حيث أن تهميش إرادة شعب الجنوب واستمرار دعم الانقسام السياسي لا يضمنان إلا استمرار العنف وغياب الاستقرار الذي يؤثر سلباً على المنطقة برمتها.

تشير تجارب دول عدة إلى أن فرض إرادة خارجية على شعب يطالب بحقوقه ويعمل من أجل استعادة هويته يؤدي غالباً إلى انعدام الاستقرار، ويدفع إلى خلق بؤر صراعات، مما يتعارض مع الأهداف المشتركة للمجتمع الدولي . إن الشعب الجنوبي، ومن خلال قيادة واعية وعازمة على بناء مستقبل مشترك مثلها المجلس الإنتقالي الجنوبي، ملتزم بأن يكون شريك مسؤول للمجتمع الدولي، يحافظ على السلام الإقليمي ويعزز الأمن في ظل دولة فيدرالية مستقلة وموحدة.

إن دعم مطالب شعب الجنوب ضرورة لتحقيق مصالح دائمة ومستقرة
إن الشعب الجنوبي، ومن خلال تمسكه بحقه في استعادة دولته، لا يعارض المصالح الدولية، بل على العكس، يرحب بالتعاون مع المجتمع الدولي في كل المجالات التي تعود بالنفع المشترك، لكن يطالب بشدة المجتمع الدولي باحترام إرادته ودعم مطالبته بدولة مستقلة والتي نادى بها منذ حرب 1994. حيث أن وجود دولة جنوبية قوية ومستقلة سيعزز قدرة المجتمع الدولي على تحقيق أهدافه الإقليمية بشكل أكثر كفاءة وسلامة، كما سيوفر قاعدة صلبة للتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، ومنها مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان ودعم التنمية المستدامة.

لقد تعلم المجتمع الدولي وتعلمت الشعوب من تجارب دول مثل كوسوفو العراق ليبيا سوريا ومصر تونس، جنوب السودان، الصومال أوكرانيا، إيرلندا، فانواتوا، هايتي، كوريا الجنوبية والشمالية أن فرض سياسات تتعارض مع إرادة الشعوب يخلق أوضاعاً غير مستقرة ويؤدي إلى فشل محاولات بناء الدول المستدامة. إن المجتمع الدولي مدعو لدعم نموذج جديد في الجنوب، يحقق استقراراً فعلياً قائماً على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعيداً عن التدخلات التي تهدف إلى فرض أجندات لا تخدم سوى مصالح مؤقتة.

شراكة الجنوب مع المجتمع الدولي فرص لنجاح التعاون وتعزيز التنمية
إذا ما احترم المجتمع الدولي حق شعب الجنوب في تقرير مصيره، فإن الجنوب سيقدم للمجتمع الدولي شريك قادر على تحقيق التنمية الاقتصادية في المنطقة وعلى حماية الاستثمارات الدولية. كما أن الجنوبيين مستعدون لدعم سياسات ومبادرات المجتمع الدولي ذات الأجندات السلمية في كافة المجالات التي تهم المجتمع الدولي مثل الإلتزام بالقانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، الحوكمة، العدالة الإجتماعية، ما دامت لا تتعارض مع مصالحهم وتطلعاتهم الوطنية. فالشعب الجنوبي يسعى إلى بناء دولة مدنية توفر بنية تحتية مستقرة وتتيح مناخ ملائم للتعاون في مجالات متنوعة كالتجارة والطاقة والنقل، مما سيعزز التعاون الاقتصادي بين الجنوب والمجتمع الدولي.

وهنا بعض التوصيات المتمثلة في:
دعوة المجتمع الدولي لاحترام إرادة شعب الجنوب ودعم حقه في استعادة دولته، مع التأكيد على أن هذا القرار سيحقق استقراراً دائماً في المنطقة وسيحمي المصالح الدولية.

تطوير علاقات قائمة على المصالح المشتركة، تتيح للمجتمع الدولي الاستفادة من الموارد والموقع الاستراتيجي للجنوب، في مقابل دعم الجنوب في تحقيق استقراره وسلامته.

دعم جهود التنمية في الجنوب لتأسيس بنية تحتية قوية وقادرة على جذب الاستثمارات، مع الالتزام بسياسات تحقق منفعة مشتركة ومستدامة.

تجنب التدخلات التي تفرض أجندات ضارة بتطلعات الشعب الجنوبي، والامتناع عن دعم قوى سعت تاريخياً وتسعى مؤخراً لعرقلة استقلال الجنوب وتهميش إرادته.

إن الجنوب، بقيادته وشعبه، على استعداد لتقديم شريك مستقر وموثوق للمجتمع الدولي إذا تم احترام تطلعاته الوطنية وتمكينه من تحقيق استقلاله. إن تحقيق هذه الشراكة سيكون بمثابة تأسيس لنموذج ناجح في المنطقة في ظل فشل المجتمع الدولي في صناعة نموذج ناجح خاصة في الشرق الأوسط جزئياً او كلياً، ومن هذه الدروس يستفيد كلا الشريكين أن نموذج الجنوب يجب أن يبنى على المصالح المتبادلة ويعزز من استقرار الإقليم. وبناء على ذلك، فإن المجتمع الدولي بجانب الحلفاء مطالبين اليوم بدعم إرادة الشعب الجنوبي في استعادة دولته، لتتحقق بذلك المصالح المشتركة في بيئة مستقرة وآمنة تضمن نجاح العلاقات الدولية والإقليمية وسيعمل الجنوب على تقديم ضمانات بذلك.

فيديو