تحليل | التعاون السعودي-الجنوبي كخيار للحفاظ على المصالح الإستراتيجية والاستقرار طويل الامد

السياسة - منذ 1 شهر

عين الجنوب|| دراسات وتحليلات:

يبرز بشكل جلي أن التعاون بين المملكة العربية السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي مسألة جوهرية ضمن المعادلة الإقليمية المعقدة. وقد أظهرت التطورات الأخيرة أن المملكة، التي لطالما لعبت دوراً رئيسياً في الصراع الحالي، قد تجد في المجلس الانتقالي الجنوبي حليفاً استراتيجياً لتحقيق استقرار طويل الأمد في الجنوب، وبالتالي الحفاظ على مصالحها الخاصة في المنطقة والإقليم. 


تقرير من عين الجنوب يستعرض الأسباب التي تجعل هذا التعاون ضرورياً، مدعماً بدلالات سياسية وأحداث تاريخية وتحليلات موثقة، علاوة على الروابط التاريخية والقواسم المشتركة بين شعب الجنوب والمملكة


أولاً: الأهمية الجغرافية والاستراتيجية للجنوب

يمثل الجنوب موقعاً جغرافياً استراتيجياً يمتد على طول سواحل بحر العرب وخليج عدن. هذا الموقع يعد شرياناً حيوياً للتجارة البحرية الدولية ولأمن السعودية، نظراً لأن أي تهديد لهذه المنطقة يعرض خطوط الملاحة البحرية وحركة النفط والغاز العالمية للخطر، خاصة مع تصعيد الحوثيين وهجماتهم في البحر الأحمر، المجلس الانتقالي الجنوبي يتمتع بنفوذ واسع على هذه المنطقة الحيوية، مما يجعله لاعباً أساسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي.


ثانياً: المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية وعسكرية مؤثرة

منذ تأسيسه، حقق المجلس الانتقالي الجنوبي تقدماً كبيراً على المستويين السياسي والعسكري. فعلى الرغم من تعدد الأطراف المتصارعة في اليمن، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي قدرته على قيادة الجنوب وحمايته، ويمتلك قوة عسكرية فعالة من خلال قوات النخبة والقوات العسكرية والأمنية الجنوبية، والتي أظهرت قدرتها في مكافحة الإرهاب والتصدي للحوثيين في عدة مواجهات بعد تحرير محافظات الجنوب 2015 ابرزها معركة تطهير مديرية قعطبة الشمالية في الضالع، معركة تطهير شبوة، معارك تطهير الساحل الغربي، إضافة الى إشتراك جنود وقوات جنوبية في معارك صعدة الشمالية وحماية حدود السعودية من الجانب الشمالي الغربي. هذه الإنجازات تعزز موقف المجلس الانتقالي كشريك موثوق يمكنه توفير الأمن والاستقرار في الجنوب بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.


ثالثاً: ضعف الحكومة الشرعية وعلاقتها المعقدة بالسعودية

الحكومة الشرعية سابقاً أظهرت ضعف متزايد وجلي على الأرض، حيث تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي، وخاصة من السعودية. ومع مرور الوقت، أصبح واضحاً أن الحكومة الشرعية لا تتمتع بالفعالية اللازمة لإدارة الشأن اليمني بشكل مستدام. وقد دفعت هذه التحديات السعودية إلى البحث عن بدائل أكثر استقراراً وقوة، وهو ما يجعل المجلس الانتقالي الجنوبي خياراً استراتيجياً حقيقياً.


رابعاً: تهديد الحوثيين والتوسع الإيراني

إن تصاعد نفوذ الحوثيين في الشمال اليمني وتوسع الدعم الإيراني له يمثل تهديداً وجودياً للمصالح السعودية في المنطقة ككل. الحوثيون، الذين استهدفوا مراراً المنشآت النفطية السعودية والمناطق الحدودية، يواصلون تمردهم بمساعدة مباشرة وغير مباشرة من إيران، المنافس الرئيسي للسعودية في المنطقة. ومن هذا المنطلق، فإن التعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقف بصلابة ضد التوسع الحوثي هو ضرورة حتمية للحفاظ على التوازن الإقليمي وردع النفوذ الإيراني، خاصة وأن شعب الجنوب يتوافق بشكل واضح مع سياسات السعودية تجاه الحوثيين، يتمثل ذلك في الطابع المذهبي الموحد، والاهتمامات الإقتصادية والأمنية المشتركة.


خامساً: التجارب السابقة والدرس السعودي من حرب اليمن

تشير تجارب التدخلات السابقة في اليمن إلى أن الاعتماد على جهة واحدة والتي لطالما حاولت السعودية دعمه منذ بداية الوحدة اليمنية التي جلبت سيئاتها وبثقلها على شعب الجنوب وربما قبلها تثبت أن القوى السياسية في الشمال لها مصالح وأيدلوجيات مختلفة تماماً عما ترغب به السعودية، تمثل ذلك في سياق حزب الإصلاح اليمني، والمؤتمر الشعبي العام وحتى القبائل من ابناء الشمال، فاليمن الشمالي بشكل عام تاريخه مليء بالإنحيازات والتسلط والتهميش المتعمد لفئات وشريحه كبيره من ابناءه أنفسهم، فما بالنا بأبناء الجنوب، وهذا يبين بشكل كبير أن تجاهل قوى فاعلة أخرى هي نفسها عانت إبان سيطره هذه القوى يؤدي إلى فشل الاستراتيجيات الإقليمية. ربما هذا قد جعل السعودية تتعلم من التدخلات السابقة في سياق الحفاظ على وحدة اليمن عبر الحلول التقليدية التي لن تجلب السلام مطلقاً. وقد ثبت من خلال اتفاق الرياض الذي تم توقيعه في نوفمبر 2019 بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي أن السعودية تدرك أهمية دمج المجلس في العملية السياسية كعنصر أساسي لتحقيق السلام والاستقرار.


سادساً: دعم دولي وشرعية المجلس الانتقالي الجنوبي

يتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم شعبي في الجنوب، حيث يراه شعب الجنوب الممثل الشرعي لمطالبهم في الحكم الذاتي والعدالة الاجتماعية والاستقلال والتي فرضها شعب الجنوب من خلال نضاله الدائم منذ عام 1994 حتى يتحقق عودة الحقوق لأهلها بعد حرب 2015، تمثل ذلك في وحدة المقاومة الجنوبية بشتى كياناتها لصد الغزو الحوثي والشمالي والتي مثلت فيها المقاومة الجنوبية خاصة في محافظة الضالع بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي لتصبح اول محافظة جنوبية نجحت في التصدي للغزو الحوثي ومليشاته المدعومه من إيران مما يعزز توافق السعودية والمجلس الانتقالي الكامل قيادةً وشعباً مع اهداف المملكة العربية السعودية في جبح توسع نفوذ أجنده إيران عبر جماعة الحوثيين. كما أن المجلس بدأ في الحصول على اعتراف متزايد من بعض الأطراف الدولية كعنصر مهم في تحقيق الحل السياسي. السعودية، كقوة إقليمية، لا يمكنها تجاهل هذا الدعم الشعبي والشرعية التي بات المجلس الانتقالي يحظى بها.


سابعاً: مستقبل المصالح السعودية في المنطقة

بناءاً على التحليلات السياسية والإستراتيجية، يمكن القول بأن تعاون السعودية مع المجلس الانتقالي الجنوبي لن يحافظ فقط على مصالحها في المنطقة بل سيعزز أمنها القومي. الجنوب المستقر والقوي بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي سيوفر الحماية للممرات البحرية ويحد من تهديدات الحوثيين والإرهابيين، ويضع حداً للتمدد الإيراني في المنطقة بشكل مباشر ليخفف تداعيات دخول المملكة بصراع مباشر مع جماعة الحوثيين.



وهنا نؤكد أن التعاون بين السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي ليس مجرد خيار استراتيجي، بل هو ضرورة لحماية المصالح الإقليمية والمساهمة في استقرار المنطقة. فمعلوم أن التحديات الحالية في المنطقة، بدءاً من النفوذ الإيراني إلى الإرهاب والمصالح البحرية، تؤكد أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الحليف الأقرب والأكثر قدرة على تحقيق هذه الأهداف، وهذا يتطلب جهوداً من قبل القيادة في الجنوب والمؤثرين في الملف اليمني من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقية لتحقيق تعاون أكبر في مختلف المجالات الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية من اجل ضمان تأثير اوسع وحفاظ أكبر للمصالح بين الحليفين.




المملكة العربية السعودية والمجلس الانتقالي ضرورة ملحة لتعزيز العلاقة والحفاظ على المصالح المشتركة:

من هذا المنطلق يمكن ان نستعرض لماذا هناك ضرورة لتعزيز هذه العلاقة


أولاً: تغيرات المشهد اليمني وغياب الحكومة عن الساحة

بعد نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، شهدت الساحة تحولاً كبيراً. ومع تراجع دور الحكومة الشرعية والاحزاب السياسية في اليمن الشمالي وعدم قدرتهم على فرض نفوذ حقيقي في الميدان، أصبح من الواضح أن القوى الفاعلة على الأرض، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، باتت الخيار الأكثر واقعية لضمان استقرار الجنوب والإقليم، وهو ما يتماشى مع المصالح السعودية بشكل مباشر، فالقوى السياسية الشمالية، والمجلس الرئاسي يتبين هشاشة دوره وتأثيره حتى قبل تشكيله، الذي تمثل في إخفاقات متكررة ومن فشل الى فشل في فرض هذه السياسات التي لم تغني ولم تسمن من جوع ليتحمل تبعاتها ابناء الجنوب بشكل خاص والمنطقة ككل.


ثانياً: المجلس الانتقالي الجنوبي كضمانة لاستقرار الجنوب

المجلس الانتقالي الجنوبي يتمتع بنفوذ فعلي وقاعدة شعبية في الجنوب، وقد نجح في الحفاظ استقرار محافظات الجنوب، بما في ذلك عدن وحضرموت (المكلا). القوات المسلحة الجنوبية التابعة للمجلس لعبت دوراً حاسماً في التصدي للتمدد الحوثي والتهديدات الإرهابية في الجنوب، مما يجعله شريكاً أساسياً في أي ترتيبات سياسية وأمنية تسعى السعودية إلى تعزيزها لضمان استقرار المنطقة.


ثالثاً: التحالف السعودي - الإماراتي ودور المجلس الانتقالي الجنوبي

التعاون بين السعودية والإمارات في المنطقة يُعزز ضرورة دعم المجلس الانتقالي الجنوبي. الإمارات، الحليف الرئيسي للسعودية في التحالف العربي، تدعم المجلس الانتقالي بوضوح، ويشترك الطرفان في رؤية مشتركة لتحقيق الاستقرار في المنطقة. ومن خلال تعزيز التعاون مع المجلس الانتقالي، تتمكن السعودية من ضمان استمرار هذا التحالف الثلاثي في مواجهة التحديات الإقليمية بشكل فعال، خاصة اذا تبع ذلك توجه دولي لدعم هذا التحالف.


رابعاً: التهديد الحوثي المستمر ومواجهة النفوذ الإيراني

الحوثيون ما زالوا يشكلون التهديد الأكبر لأمن السعودية، حيث يواصلون تنفيذ هجمات على الأراضي السعودية والمنشآت الحيوية، بما في ذلك الهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة. كما أن الحوثيين مدعومون بشكل مباشر من إيران، ما يزيد من التحدي الإقليمي الذي تواجهه السعودية. في هذا السياق، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كحليف رئيسي في مواجهة هذا التهديد، نظراً لمواقفه الثابتة ضد الحوثيين وتعاونه المستمر مع التحالف العربي لصد التهديد الحوثي والإيراني على حد سواء مخففاً مخاطر دخول المملكة في صراع مباشر مع الحوثيين المتمثلة في المخاطر الاقتصادية، الاستثمارية، والأمنية.


خامساً: المصالح الاقتصادية السعودية في الجنوب

الجنوب يُعد منطقة استراتيجية للمصالح الاقتصادية السعودية، وخاصة فيما يتعلق بالملاحة البحرية وتأمين خطوط نقل النفط والتجارة عبر خليج عدن ومضيق باب المندب ومد انابيب النفط عبر المهرة. المجلس الانتقالي الجنوبي، يدير محافظات وأسعة في الجنوب ويحظى بدعم شعبي في حضرموت والمهرة رغم منافسة قوى سياسية له هناك لكن تأثيره لا يزال قوياً ليجعله قادر على قلب الموازين بشكل حقيقي لصالحه في أي لحظه، ليمثل هذا الامر الضامن الأساسي لتأمين هذه المصالح. التعاون معه يتيح للمملكة الحفاظ على سلامة هذه الممرات البحرية الحيوية ويمنع تهديدات الحوثيين أو الجماعات الإرهابية التي قد تستهدفها.


سادساً: الأهمية السياسية لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (عصفور باليد ولا عشرة بالشجرة)

منذ توقيع اتفاق الرياض في 2019، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي التزامه بالعملية السياسية، وسعى إلى تقديم نفسه كشريك موثوق في المفاوضات اليمنية مما يظهر مرونته العالية في الموازنة بين أهدافه التي يرتكز عليها ومصالح التحالف. هذا الالتزام السياسي، إلى جانب قدرته على فرض الاستقرار على الأرض، يجعله شريكاً يمكن الاعتماد عليه لدعم الجهود السعودية في حل الأزمة اليمنية بطرق سياسية مستدامة. كما أن أي محاولة لتهميش المجلس قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى في الجنوب، مما سيؤثر سلباً على المصالح السعودية بشكل مباشر.


سابعاً: دعم دولي متزايد للمجلس الانتقالي الجنوبي

في السنوات الأخيرة، بات المجلس الانتقالي الجنوبي يحظى بدعم دولي متزايد من بعض الدول والمنظمات الدولية، التي ترى فيه قوة فاعلة قادرة على تحقيق الاستقرار في الجنوب. هذا الدعم يعزز من موقفه في أي مفاوضات قادمة حول مستقبل اليمن، ويجعل من التعاون السعودي معه خياراً واقعياً لضمان دعم دولي أكبر للجهود السعودية في المنطقة.


ثامناً: الدروس المستفادة من السنوات السابقة

خلال السنوات الماضية، أظهرت التجارب أن أي استراتيجية تتجاهل القوى الفاعلة على الأرض لن تؤدي إلى حل حقيقي للأزمة. المحاولات السابقة لتركيز الجهود على حكومة واحدة أو تهميش أطراف مثل المجلس الانتقالي أدت إلى تعقيد الأزمة بدلاً من حلها. بناءاً على ذلك، فإن التعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل الحل الأكثر منطقية للحفاظ على استقرار الجنوب وتحقيق المصالح السعودية في المنطقة ككل.



ومن هنا يمكننا القول انه في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد الحالي، بات من الواضح أن المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل الشريك الأكثر استقراراً وواقعية للسعودية. من خلال تعزيز هذا التعاون، تستطيع السعودية حماية مصالحها الإقليمية في الجنوب ومواجهة التهديدات الحوثية والإيرانية في الشمال. المجلس الانتقالي أثبت قدرته على فرض الأمن والاستقرار في الجنوب، ويملك الإمكانيات السياسية والعسكرية لدعم الجهود السعودية لتحقيق حل شامل للأزمة المستمرة منذ عشرة اعوام.



استدلالات سياسية وتاريخية تدعم ضرورة التعاون السعودي مع المجلس الانتقالي الجنوبي وسبل تعزيزه في الاتجاه الصحيح:

اتفاق الرياض: الذي تم توقيعه في نوفمبر 2019 بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، بوساطة سعودية، يعد دليلاً واضحاً على اعتراف السعودية بأهمية المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة فاعلة على الأرض. الاتفاق سعى إلى دمج المجلس الانتقالي في الحكومة اليمنية ومنح الجنوب تمثيلاً سياسياً واضحاً، مما يعكس إدراك المملكة لأهمية وجود الجنوب كمكون أساسي في أي حل سياسي مستدام. ومع أن الاتفاق واجه بعض التحديات في التنفيذ، فإنه يؤكد رغبة السعودية في العمل مع المجلس الانتقالي وليس ضده.


مضيق باب المندب وخطوط الملاحة الدولية: يشكل مضيق باب المندب أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ويسعى المجلس الانتقالي الجنوبي جاهداً وبكل قوة الى تأمين هذا الممر الحيوي في سبيل الحفاظ على مصالح الشركاء الاقليمين بما فيها المملكة. هذا يضعه في موقف قوي في ضمان أمن الملاحة البحرية، وهي مصلحة حيوية للسعودية ودول العالم التي تعتمد على هذه الممرات لنقل النفط والتجارة الدولية. في عام 2018، قامت ميليشيات الحوثي باستهداف السفن السعودية والإماراتية في البحر الأحمر، مما جعل تأمين هذه الممرات أولوية استراتيجية للسعودية. لذلك، التعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي يضمن حماية هذه الممرات من أي تهديد حوثي أو إرهابي.


التجربة مع الحكومة والفساد: طوال سنوات الحرب، كانت المملكة تقدم دعماً كبيراً للحكومة الشرعية، ولكن هذه الحكومة فشلت في فرض سيطرة فعلية على الأرض، ولم تستطع تقديم نموذج حكم فعال يخدم الجميع أو يحافظ على مصالح السعودية. ووفقاً لتقارير متعددة (تقرير منظمة الفساد الدولية)، ازداد الفساد داخل الحكومة الشرعية مما أثر على قدرتها على إدارة البلاد. هذا الفشل المتكرر يجعل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أثبت قدرته على فرض النظام في الجنوب، خياراً أكثر واقعية وفعالية للسعودية.


تحولات العلاقة بين الحوثيين وإيران: مع تعميق التعاون العسكري واللوجستي بين الحوثيين وإيران، أصبح من الواضح أن الحوثيين ليسوا مجرد قوة يمنية متمردة، بل أداة استراتيجية تستخدمها إيران لزيادة نفوذها في شبه الجزيرة العربية. بحسب تقارير الأمم المتحدة وتقارير استخباراتية، فإن الحوثيين يتلقون دعماً مباشراً من إيران، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيرة التي استُخدمت ضد السعودية. هنا، يأتي دور المجلس الانتقالي الجنوبي كحليف أساسي قادر على دعم الجهود السعودية في مواجهة هذا التوسع الإيراني المتزايد في المنطقة، خاصة في الجنوب.


دور المجلس الانتقالي الجنوبي في مكافحة الإرهاب: الجنوب كان لسنوات طويلة معقلاً للجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ازداد نموه بشكل واضح إبان محاولات حزب الإصلاح اليمني تحييد حزب المؤتمر من الحكم ليشكل ذلك تحالف الاخير مع الحوثيين ليتم بعدها تصدير هذا الإرهاب الى الجنوب، كطريقة من حزب الإصلاح لنقل قواعده للإيدلوجية المتطرفة في الجنوب والشاهد من ذلك انه عندما اتى الحوثيين لغزو محافظات الجنوب اتخذوا هذا الامر كشعار للغزو، وهو قتال الإرهابيين، ليتضح مؤخراً انهم يمثلوا توجهاً واحداً سواء إصلاح أو قاعدة او حوثييين تمثل ذلك في نشاط التنظيمات الارهابية بتسليح ثقيل والحصول على امدادات عسكرية تشمل الطائرات المسيرة ليتبين أن هذه التنظيمات هي صنيعة الأحزاب اليمنية في ظل صراعاتها على السلطة تاركه البلاد غارقة في أعلى مستويات من الفساد والفقر إبان حكمها وصراعاتها على السلطة، لكن المجلس الانتقالي الجنوبي تمكن من تحجيم نفوذ هذه الجماعات بشكل ملحوظ منذ توليه السيطرة على الجنوب. في العديد من العمليات المشتركة مع التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة، تم تحقيق انتصارات عسكرية على الجماعات الإرهابية، مما يثبت أن المجلس الانتقالي شريك موثوق في مكافحة الإرهاب، وهو هدف أساسي للسعودية على الصعيد الأمني.


الاعتراف الدولي المتزايد بالمجلس الانتقالي الجنوبي: على الرغم من عدم اعتراف المجتمع الدولي بالمجلس الانتقالي كدولة مستقلة، إلا أن العديد من الدول والجهات الدولية بدأت ترى في المجلس قوة سياسية وعسكرية لا يمكن تجاهلها. الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قد أبدت اهتماماً بتمثيل مصالحها في الجنوب من خلال المجلس الانتقالي، وهو ما ظهر في الاجتماعات التي عقدت بين المجلس ودبلوماسيين أوروبيين وأمريكيين. هذا الدعم الدولي المتزايد يعزز من شرعية المجلس، ويدفع السعودية نحو تعزيز تعاونها معه لضمان استقرار الجنوب واستفادة من دعم القوى الدولية لهذا التعاون.


استدلالات إضافية:

تاريخ الصراعات بين الجنوب واليمن الشمالي: يعود تاريخ الصراع بين في الجنوب واليمن الشمالي إلى عقود طويلة قبل الحرب الحالية. فمنذ ما يسمى بالوحده اليمنية في عام 1990، عانى الجنوب من التهميش السياسي والاقتصادي، ما أدى إلى اندلاع حرب ظالمة في عام 1994 ضربت فيه كل القوى السياسية لليمن الشمالي للإتفاقيات التي قامت عليها هذه الوحدة لتعبر عن صورة واضحة للإحتلال الممنهج ليستكمل الجنوب مساره خلال فتره حكم هذه القوى ليثبت أن ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ليبدا عصر من الكفاح المسلح والنضال. هذا التاريخ النضالي يوضح أن تحقيق استقرار دائم لا يمكن أن يحدث دون معالجة التوترات بين الجنوب واليمن الشمالي. المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل اليوم القوة التي تعبر عن مصالح الجنوب وشعبه، وبالتالي، فإن التعاون معه يساهم في تفادي أي صراعات مستقبلية قد تزعزع الاستقرار وتضر بمصالح السعودية.


الاتفاقيات الاقتصادية بين السعودية واليمن: السعودية لها استثمارات استراتيجية في اليمن، وخاصة في قطاع الطاقة والموانئ. لطالما فشلت التشكيلات الشرعية في استعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية، لهذا فإن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الجهة القادرة على ضمان استمرارية هذه الاستثمارات وحمايتها. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المجلس الانتقالي قد يفتح الباب أمام استثمارات جديدة في الجنوب، مما يخلق فرصاً اقتصادية تعزز الاستقرار وتحمي المصالح السعودية.


خاتمة مدعمة بالاستدلالات:

تظهر الأدلة السياسية والتاريخية الحديثة أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الحليف الأكثر قدرة وواقعية للمملكة العربية السعودية في الوقت الراهن وعلى المدى الطويل. من خلال تعزيز التعاون معه، تستطيع السعودية حماية مصالحها الأمنية والاقتصادية في الجنوب، وتحقيق التوازن الإقليمي المطلوب لمواجهة التهديدات الحوثية والإيرانية.



ضرورة تعزيز التعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي ليتعزز كتحالف حقيقي مؤثر ومستقر


في ظل المتغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، ومع استمرار التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وجواره، نرى أن المملكة العربية السعودية، بما تحمله من دور قيادي في التحالف العربي، أصبحت أمام لحظة تاريخية تستدعي إعادة تقييم استراتيجياتها في المنطقة، وخاصة في الجنوب.


المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح اليوم القوة الفاعلة في المشهد الحالي، ويمثل مصالح استراتيجية والتي لطالما التزم بها في سياق مبادئ العمل المشترك مع التحالف العربي، وبخاصة مع المملكة العربية السعودية، يجعله شريكاً قوياً وموثوقاً، يُمكن الاعتماد عليه لضمان استقرار الجنوب وتأمين المصالح السعودية في هذه المنطقة الحيوية.


وفي الأخير نقول

إن الدعوة لتعزيز التعاون السعودي مع المجلس الانتقالي الجنوبي ليست مجرد مقترح نظري، بل هي دعوة حقيقية إلى التحرك الفوري نحو خلق شراكة استراتيجية تضمن تحقيق الاستقرار في الجنوب، وحماية المصالح الحيوية. المجلس الانتقالي هو الشريك الذي أثبت جدارته على الأرض، وقادر على أن يكون السند الذي تعتمد عليه كل الأطراف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة.


لذا ندعو القيادة السعودية، وكذلك الشركات والمؤسسات الاقتصادية، إلى النظر بجدية في فرص التعاون المثمرة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بما يضمن مستقبلاً مشرقاً وآمناً للمنطقة، علاوة على صنع نموذج ناجح ومستدام للتحالف في الجنوب في ظل هذا الصراع المستمر منذ عشرة أعوام دون حل انعكس سلباً على كل الاطراف في المنطقة والإقليم.

فيديو