تحليل ماهي دلالات زيارة مبعوث الرئيس دونالد ترامب اليوم

دراسات وتحليلات - منذ 5 أيام

عين الجنوب | تحليل - خاص

زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ولقاؤه المرتقب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يأتيان في وقت عصيب ومليء بالتحديات الإقليمية والدولية، مما يجعل هذه الزيارة ذات أهمية بالنسبة للمملكة والمنطقة.

اللقاء المتوقع بين المسؤول الأمريكي البارز وولي العهد السعودي يبرز أولويات الولايات المتحدة في تعزيز شراكاتها التقليدية في الشرق الأوسط، لا سيما مع السعودية التي تعد أحد أهم حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط. لكن لماذا هذا التوقيت؟ المرحلة الحالية تحمل أهمية خاصة بالنظر إلى التحولات الإقليمية، بدءاً من التوترات مع إيران، مروراً بالمحاولات الأميركية لاحتواء النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، وصولاً إلى سعي إدارة ترامب لاستئناف دورها كوسيط رئيسي في قضايا الإقليم.

التوقعات بشأن هذا اللقاء تشير إلى أنه سيتناول ملفات شائكة تشمل تعزيز التعاون العسكري والأمني، وتنسيق المواقف تجاه التهديدات الإيرانية ونتوقع أيضاً أن تكون هناك صفقات لبيع أسلحة جديدة للمملكة تمكنها من إحتواء التهديدات الجديدة، لكن ما هو مهم هو الجهود الرامية لدفع عجلة التطبيع بين السعودية وإسرائيل. فالتطبيع يمثل ورقة تفاوضية كبيرة للولايات المتحدة، حيث تحاول من خلاله تعزيز ما حققته في اتفاقيات أبراهام وتوسيع رقعتها لتشمل السعودية، ما سيشكل تحولاً جذرياً في المنطقة، وقد شاهدنا تصريحاً للرئيس ترامب يجيب أحد الصحفيين حول ما إذا كان لدى ترامب خطة لتطبيع العلاقات، أشار الى ان المملكة ستكون ضمن إتفاقيات إبراهام قريباً،  بيد أن الرياض تدرك حساسية هذا الملف داخلياً وإقليمياً، ما يجعل أي خطوة في هذا الاتجاه مرتبطة بضمانات حقيقية من الجانب الأميركي تتعلق بمصالح المملكة وأمنها القومي ومن الممكن لبيع التكنولوجيا الأحدث أن توفر ذلك.

على الجانب الاقتصادي، من المتوقع أن تكون هذه الزيارة فرصة لمناقشة مشاريع استثمارية مشتركة تخدم رؤية السعودية 2030 وتدعم الطموحات الأميركية في تعزيز الشراكة الاقتصادية مع المملكة. الاستثمار المتبادل في قطاعات مثل الطاقة النظيفة، التكنولوجيا، والبنية التحتية سيكون محوراً رئيسياً. السعودية، التي تتطلع إلى تعزيز دورها كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة، تدرك أهمية جذب الشركات الأميركية للاستثمار في مشاريعها العملاقة ومؤخرا بدأت مظاهر حصولها على مرادها تدريجياً. في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين مكانة قوية لشركاتها في السوق السعودي الذي يُعد من أكبر الأسواق الواعدة في المنطقة.

أما من الناحية الأمنية، فإن المحادثات ستتناول بلا شك ملف إيران. الرياض وواشنطن تشتركان في القلق بشأن سياسات طهران، سواء فيما يتعلق ببرنامجها النووي أو دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة. التعاون العسكري بين البلدين قد يشهد تعزيزاً إضافياً، سواء من خلال صفقات تسليح جديدة أو تدريبات مشتركة تهدف إلى رفع جاهزية القوات السعودية لمواجهة التهديدات.

لكن، هذه الزيارة تتجاوز العلاقات الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة لتنعكس على المشهد الإقليمي ككل. أي اتفاقيات أو تفاهمات قد تُبرم خلال هذه الزيارة ستؤثر على توازن القوى في المنطقة. تعزيز التحالف السعودي-الأميركي سيبعث برسالة واضحة إلى إيران، مفادها أن محاولاتها لزيادة نفوذها في المنطقة ستواجه بتنسيق أكبر بين واشنطن وحلفائها، بل من الممكن أن نشهد دعماً لحصول المملكة الشقيقة على سلاح نووي، وهناك تصريحات حول أن المملكة تمتلك مخزون من اليورانيوم يمكن إستثماره.

بالنسبة للتداعيات الاقتصادية لهذه الزيارة قد تكون إيجابية على المنطقة إذا أسفرت عن اتفاقيات استثمارية كبيرة تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي. المشاريع المشتركة التي تستهدف البنية التحتية والطاقة قد تؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة ودفع عجلة التنمية. هذه الآثار الإيجابية قد تتوسع لتشمل دولاً مجاورة تستفيد من الاستثمارات السعودية-الأميركية.

أما من الناحية السياسية، فإن زيارة المبعوث الأميركي قد تُستغل لتمهيد الطريق أمام عودة أقوى للولايات المتحدة إلى المنطقة. الإدارة الأميركية تدرك أن تعزيز علاقاتها مع السعودية سيعزز دورها كوسيط قوي في النزاعات الإقليمية، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها في مناطق أخرى من العالم. في المقابل، ترى الرياض في هذه الزيارة فرصة لتأكيد دورها القيادي في العالم العربي والإسلامي وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.

على الرغم من أن هذه الزيارة تبدو وكأنها خطوة تقليدية لتعزيز العلاقات بين حليفين، إلا أنها تحمل في طياتها أبعاداً استراتيجية عميقة. التنسيق بين السعودية والولايات المتحدة في هذه المرحلة قد يكون عاملاً مهماً في تحديد شكل المستقبل السياسي والاقتصادي للمنطقة بما فيه حلفاءها في الجوار.

فيديو